أثار إغلاق مكتبة نوبل موجات عارمة من الاستياء، وردود الفعل السلبية، في الوسط الثقافي بشكل عام، والتشكيلي بشكل خاص، وذلك لأنها تكاد تكون المكتبة الأولى، التي كانت متخصصة في كتب الفن التشكيلي، حيث كنا نشاهد في واجهتها كل كتاب جديد في مجال الفنون الجميلة، وفي مقدمتها الكتب التي وثقت للفن التشكيلي السوري، منذ بداياته، مروراً بالكتب التي كانت توثق لكل تجربة على حدة، والتي كانت تصدر بتمويل من الفنان نفسه، ووصولاً إلى الكتب التي تناولت تجارب الفنانين الشباب.
هكذا استقطبت منذ عقود كبار الفنانين والنقاد، الذين كانوا يقصدونها، لاقتناء الكتب الفنية، والتعاون معها في خطوات توزيع كتبهم الخاصة، وكانت مقصد الباحثين، وطلاب الدراسات العليا في الفنون التشكيلية, وهكذا فسوف يترك إغلاقها فراغاً كبيراً في هذا المجال، والمجالات الأخرى. ولايستطيع أي متابع إحصاء عدد الكتب الفنية، التي وزعتها خلال العقود الماضية، والتي رصدت الحراك الثقافي التشكيلي السوري، في كتب ملونة وفاخرة أحياناً، وذلك لأن عملية فرز تلك المطبوعات تكاد تكون مستحيلة.
حتى بعض الكتب التشكيلية القديمة النادرة، كانت تتوفر أحياناً في مكتبة نوبل العريقة، وبإغلاقها، بعد إغلاق المكتبات التي سبقتها، تكون العاصمة قد خسرت بعض معالمها الثقافية والحضارية. وقد يكون الكتاب الذي وضعه الباحث الراحل د. عفيف بهنسي، تحت عنوان (اتجاهات الفنون التشكيلية المعاصرة) من أوائل هذه الكتب التشكيلية. كما صدر لعفيف بهنسي في عام 1960 كتاب الفنون التشكيلية 1900-1960 وفيه وثق لبعض الرواد الأوائل في التشكيل السوري المعاصر.
الناقد الراحل طارق الشريف عام 1972 أحد أهم الكُتّاب، وأصدر الناقد الراحل عبد العزيز علون عام 1973 كتابه (تاريخ النحت المعاصر في سورية) . كما وضع الراحل طارق الشريف كتاباً عن الفنان الفرنسي الشهير بول سيزان (1839-1906) ويعطي القارئ فكرة واضحة عن حياته وأعماله، باعتباره الأب الروحي لكل المدارس الفنية الحديثة، حيث كان الهادي لمن تبعه من كبار الفنانين المحدثين. وفي عام 1976 صدر كتاب (الفن في القرن العشرين) تأليف جوزيف اميل مولر وترجمة مهاة فرح الخوري، وهذا غيض من فيض الكتب التي اقتنيناها في بداياتنا من مكتبة نوبل.
رؤية -أديب مخزوم