الثورة أون لاين – غصون سليمان:
لعل أغنية المزارع والفلاح تخمتر درجات إيقاعها مع ساعات النهار في موسم قطاف الزيتون، فالمشهد عن قرب غني بكل التفاصيل التي تستعيدها الذاكرة لسنوات مضت يوم كان الريف ريفاً وحياة القرى والبلدات أشبه بخلية نحل وأكثر من جميلة. حيث الاعتناء بالأرض كان كما رعاية الطفل، فالغالبية في محيط العائلة مسؤولون عن الاحتضان وتقديم المساعدة للأم والأهل.
هذه الصورة تستعيد ألقها اليوم في شهر تشرين الأول موعد جني ثمار الزيتون حيث ينشغل كل من لديه مساحات من من هذه الشجرة المباركة صغرت أم كبرت.
ما يعكس جمالية الحركة وصخب وقع خطا المارة على الدروب والطرقات، أينما توجهت للأمكنة البعيدة والقريبة ترافقك أصوات السيارات التي تنقل الأسر والعوائل ومجموعات ورشات العمل حسب المكان المتفق عليه.
إنه ناموس الجد والكد، جوهر العمل وحب الأرض التي تعطيك بقدر ما تعطيها وأكثر إذ تحنُ وتحنو حجارتها على تلك السواعد التي عمٌرت وهندست ترابها وتشعبات مقاساتها الجبلية والسهلية، ليفضي شقاء العمر إلى مسرات نفسية بعدما عبثت الظروف الطارئة بكل ما تحقق للمواطن من رفاهية وبحبوحة عيش كنا نتغنى بها ما جعلنا في دائرة الحسد المضني.
صدى الأحاديث في الأراضي والحقول تشي بذاك الألم المدفون في الصدور، والحسرة على ماض وفير للقمة العيش، حين يذكرون الأرقام المتداولة حول أسعار الزيت واختلافها بين معصرة ومعصرة ومن منطقة إلى أخرى.
فكيف تستقيم الأمور وصفيحة زيت الزيتون الواحدة تحتاج إلى راتب ثلاثة أشهر لذوي الدخل المحدود لشرائها رغم أنها لا تكفي عند البعض لهذه المدة، فما بالنا بمن ليس لديه راتب ولا موسم ولا إمكانات مادية؟.
ومع ذلك يبقى الأمل مقروناً بغد أفضل رغم مرارة الواقع.