الثورة أون لاين – عبير محمد:
اليوغا… تشعرك بالراحة وأنت تمارسها…
فقط أغمض عينيك، واحمل روحك… وحَلّق بها إلى السماء، حلّق إلى عالم ثانٍ… عالم الهدوء والراحة… تأمل تلك المساحات الزرقاء والخضراء.
خذ نفساً عميقاً واملأ رئتيك ثم أخرجه بكل هدوء من أعماقك وكأنك تتخلص من أشياء تزعجك ذهبت منك من غير رجعة… ارمِ كل شيء ولا تفكر بشي سوى الراحة والانسجام مع نفسك.
عشر دقائق كل يوم تعطيك النشاط والحيوية وراحة بال لتبدأ يوماً جديداً…
اليوغا… علم واسع وشامل جداً وقد تنوعت مدارسها وتعددت أشكالها لتوافق الطبائع المختلفة للإنسان حيث يعتبر كل نوع بمثابة طريق كامل متكامل للوصول إلى هدف اليوغا النهائي وهو تحقيق الشعور بالسعادة والسلام والانسجام مع الذات ومع الآخر ومع الكون… وهذا ما تعنيه كلمة يوغا أي الاتحاد.
التقينا مع السيدة ريام شدايدة مدربة اليوغا (مدرب دولي) وكان لنا معها اللقاء التالي:
– هل هناك مدارس معينة تتبعيها أثناء تعلمك اليوغا؟
— بالنسبة لي بشكل شخصي اتبع تعاليم مدرسة الحب الإلهي التي أسسها السيدها يوغي / ماستر الكونداليني الأتشاريا كامال غيشور غوسوامي. والمعلم راسا اتشاريا غورو دارماياسا مرشد التأمل الرقمي (التأمل مع الرقم)، في الحقيقة بداية جذبني اسم المدرسة (مدرسة الحب الإلهي)، لأنه كان هاجسي منذ الطفولة أن أصل لحالة الحب اللا مشروط لكل المخلوقات والكائنات، وقد وجدت في سلوكيات المعلم وأهداف المدرسة ما يحاكي هذا الشغف الذي بداخلي بتقديم الحب اللا مشروط والمساعدة الإنسانية لكل شخص بحاجة لها لنعيش جميعاً كعائلة واحدة تحت مظلة الحب الإلهي، هذا حلمي منذ صغري وقد جاء اسم المدرسة ليوقظ هذا الحلم.
طبعاً هذا على الصعيد الشخصي، ولأني أدرك تماماً مدى اختلاف طبائع الأشخاص وشعورهم واهتماماتهم وهدفهم من ممارسة اليوغا، لذلك لا أفرض على أي من طلابي اتباع أي مدرسة أو طريق معين، فقط دوري هنا يكمن في توجيههم إلى الداخل، ومعرفة ذواتهم أكثر، وإدراك كل شخص وما يناسبه وأن يعيش تجربته الشخصية في هذا الطريق.
– أكيد عندك أبعاد أخرى غير أنها مجرد رياضة.. ما هي..؟
— اليوغا ليست مجرد رياضة جسدية هي رياضة الروح والفكر والجسد هدفها إدراك الذات للوصول إلى حالة الاتحاد مع الكون والعودة إلى حالتنا الفطرية من السلام والحب والفرح الحقيقي، هذه الفطرة التي أصبحنا بعيدين عنها بسبب الجهل بحقيقة جوهرنا و تلوثنا بمشاعر الغضب والحقد والكره والحسد والخوف، وعلى رأس هذه المشاعر هناك “الأنا “، التي فصلتنا عن ذواتنا الحقيقية وعن الآخر وعن الله، وجعلتنا دائمي التوتر والقلق لانعدام الشعور بالأمان وبحالة بحث مستمر للوصول إلى تلك الحالة من الفرح والسلام والسكون التي فقدناها، لكن السؤال هنا: كيف ومتى سيتحقق هذا الاتحاد؟….. إنها رحلة حياة بأكملها.
– لديك نشاطات بالهواء الطلق.. ما هي طبيعة هذه الفعاليات؟.
— الهدف من ممارسة اليوغا بالهواء الطلق هو التواصل مع عناصر الطبيعة عن كثب (الأرض، الهواء، الشمس، …) لأن عناصر الطبيعة بالنسبة لنا هي مصادر للشحن بالطاقة ووسيلة لتفريغ الضغوط اليومية والتوتر بالاتصال مع طاقة الأرض والشجر والطبيعة بشكل عام، نشعر عندما نمارس اليوغا بالطبيعة أننا استعدنا نشاطاً وجددنا طاقة الحياة بداخلنا، ونشعر أيضاً من خلال تواصلنا مع طاقة الأرض بالأمان والثبات والاستقرار أكثر.
– حالياً هل هناك إقبال على اليوغا.. ما نوعية تلك الأشخاص؟
– نلاحظ أن الإقبال على ممارسة اليوغا بتزايد مستمر هذه الأيام، لأنه مع التجربة لاحظ من يمارس هذه الرياضة أنه استطاع التخلص من التوتر وبدأ يشعر بالراحة والقدرة على تحمل الضغوطات اليومية وإيجاد الحلول لمشاكله بشكل أفضل وبسهولة أكثر، يلجأ لليوغا الأشخاص المتعبون والذين يعانون من أمراض القلب والشرايين والتوتر والأرق والأكتئاب وآلام الظهر والمفاصل لأن هذه الرياضة أثبتت قدرتها على التعامل مع هذه المشاكل وحلها.
– في هذه الظروف لأي درجة تلاحظين أنها تحافظ على توازن الناس النفسي؟
— حالياً… نلاحظ ازدياد حالات التوتر والامراض ذات المنشأ العصبي بسبب ازياد الضغوط اليومية الخارجة عن السيطرة، نجد أن اليوغا هي حل إسعافي لأنه عندما يزداد الضجيج والفوضى بالخارج علينا البحث عن الحلول بالداخل ونحتاج لذلك الهدوء والاتزان والثبات والثقة التي ستساعدنا على اتخاذ القرارات السليمة بدون انفعال وتمنحنا القدرة على فهم الأمور بالطريقة الصحيحة وقبول ذاتنا والآخر بشكل أفضل وتقبل أخطائي وأخطاء الآخرين والمسامحة التي ستساعد على الاحتفاظ بحالة السلام الداخلي.
– ما هي العقبات التي تعوق رياضة اليوغا لدينا…؟
— برأيي العقبات الحقيقية لممارسة اليوغا تأتي من الجهل لأهمية اليوغا بحياتنا وربطها بأمور أخرى كطقوس أو معتقدات وما الى هنالك وهذا يحرمنا من الاستفادة من هذه العلوم التي تقدمها لنا اليوغا، والخوف أيضاً قد يكون مبنياً على أسس خاطئة ناتجة عن عادات ومفاهيم وخلفية ثقافية معينة يجب إعادة النظر فيها، ومن الناحية المادية نحن نقدم الآن دروس اليوغا المجانية كل يوم جمعة للجميع، ومستعدون دائماً لقديم العون اللازم في مجال المحاضرات التوعوية لتسليط الضوء على أهمية اليوغا في مختلف مجالات الحياة اليومية ودورها الفعال في علاج الامراض، وجاهزون دائماً للعمل التطوعي في هذا المجال.
– تعاونت مع السفارة الهندية في عدة فعاليات ما هو المختلف في هذا التعاون خاصة وأن الهند بلد يهتم جداً بهذه الرياضة؟
— نحن نتعاون باستمرار مع سفارة دولة الهند الصديقة في دمشق وتقدم لنا السفارة الدعم الدائم لنشرها.
اليوغا هي نتاج ثقافي خالد للحضارة الهندية وقد أثبتت نفسها كراعية للرقي الإنساني المادي والروحي، كل مرة تختلف آلية التعاون وفقاً للمناسبة، ففي احتفالية يوم اليوغا العالمي قمنا بالتحضير لمهرجان اليوغا الذي يحتفل فيه كل العالم ب 21 من حزيران، وفي الذكرى 75 لاستقلال الهند نظمنا بالتعاون مع السفارة الهندية في دمشق ورشة عمل عن اليوغا والايورفيدا، واليوم سنتكلم في هذه المحاضرة عن نوع محدد من أنواع اليوغا الذي هو أكثر انتشاراً بالعالم بين ممارسي اليوغا، لكي نزيد وعي الممارسين لأهميته وارشادهم إلى الطريقة الصحيحة لهذه الممارسة وفق نصوص الفيدا القديمة منذ نشأتها.