بين الكشف عن سرقة آلاف الأطنان من السكر وإتلاف مواد منتهية الصلاحية واستجرار كميات من السمك من مؤسسة عامة بهدف بيعها للمواطنين لتباع لاحقاً للتجار، وما تلا ذلك من توقيفات طالت العديد من المديرين المركزيين والفرعيين وغيرها الكثير من القضايا والملفات، تشير بمجملها إلى أن مسلسل مخالفات وتجاوزات مؤسسة السورية للتجارة مستمر رغم افتقاده لعنصر التشويق أو الجذب.
أما عن سبب عدم المفاجأة من الناس لكل تلك العناوين التي تتصدر وسائل الإعلام، فمرده عدم التعويل عليها لتكون الخيار الأول لهم بتأمين احتياجاتهم من المواد والسلع المختلفة هرباً من نار أسعار التجار والمنتجين التي فاقت كل قدرات المواطنين، وبالتالي افتقادها أداء دورها التدخلي في السوق باعتبارها أهم مؤسسات الدولة الاقتصادية وترك الساحة للتجار والمحتكرين للتحكم بحركة تداول المواد وسعرها.
بالمحصلة هذا الواقع ليس طارئاً على عمل السورية للتجارة وإنما يمتد لسنوات سابقة وما يحصل حالياً من تنظيف بيت السورية للتجارة، كما وصف من قبل المسؤولين في وزارة التجارة الداخلية، وتصويب مسارها الذي شهد انحرافات كبيرة خاصة على صعيد تحديد أولويات عملها، وأهمها تأمين المواد الأساسية للمواطنين سواء عن طريق البطاقة الذكية أو عبر طرحها بعض المواد بأسعار منافسة للسوق مع سعيها لضرب محتكري تلك المواد إلا تأكيد على حالة الأداء القاصر وغير المبرر ويعد خطوة في طريق صعبة، سرعة السير فيها وتجاوز العوائق يتطلبان الإصرار والإرادة على المضي فيها والحكمة في اتخاذ القرارات التي تعالج ملفاتها المتراكمة.
ونموذج السورية للتجارة الذي يأمل كل مواطن أن يكون نموذجاً سلبياً بل إيجابياً لتجسد المؤسسة فعلاً لا قولاً دورها كذراع تدخلية قوية وتاجر شاطر في السوق لصالح الناس يمكن أن يساق على العديد من مؤسساتنا الاقتصادية التي شهدت ولاتزال تراجعاً في أدائها وعملها وخدماتها بفعل إدارات قائمة وسابقة بقيت خارج دائرة المتابعة والتقييم لنتائج عمل مؤسساتها، فاستسهلت المهمة وتمادت في أحيانٍ كثيرة في تجاوزاتها، والنتيجة مؤسسات ومنشآت عامة مثقلة بصعوبات وخسارات وتراجع إنتاج باتت تتطلب من صاحب القرار وقفة جادة لإنقاذها وإعادة دوران آلاتها في وقت نحن أحوج ما نكون فيه لها ولمنتجاتها.
الكنز – هناء ديب