موسم جديد من الحمضيات بدأ يؤتي أُكُلهُ، وبدأت ثمار الموسم تتدفق إلى الأسواق بأسعار سياحية للباعة ومن ورائهم التجار، أما ما تبقى من المزارعين والفلاحين فلن يكون عائد هذا الموسم مختلف عما سلف من مواسم تحت حجج واهية وغير مقنعة.
حتى اليوم لم تتعب جهة واحدة نفسها بمعرفة الوجع الحقيقي، فالحمضيات كانت محل تلميع وتجميل قبل سنوات طويلة لخلق حافز قوي للفلاح حتى يتجه صوبها زراعةً ومواسماً، طبعاً ذلك تحقق على حساب الزيتون وزيته، وبعد تحقق الخطة لم يتمكن من وضعها وخطط لها ونفذها من تسويق طن واحد من انتاج الحمضيات.
اليوم لم يعد في اللاذقية تحديداً شجرة مثمرة يعوّل عليها في إطعام أفواه جائعة، خسرت ما تملك في اعتمادها على موسم أقل ما توصف به خطة فرضه على بيارات الساحل بالفوضوية، فالحمضيات باتت تُقلع بربط كل خمسة منها بعتلة جرار زراعي وتُسحب من دفء الأرض لتُباع حطباً باعتباره مُجدٍ أكثر ثمناً ودفئاً..
ولا يشذ الزيتون عن تلك القاعدة، فبعد مجزرة قلعه لمصلحة الليمون بهيّ اللون والشكل، بات الزيتون جزراً منعزلة في الأراضي الزراعية في اللاذقية، ومع دخول موسم الحرائق التي تختار العمل بشكل جماعي، أُبيدت تقريباً كل أراضي الزيتون الباقية في محافظة اللاذقية دون رحمة، ودون أيّ خطة بديلة من أيّ جهة كانت زراعة أو بيئة أو اتحاد الفلاحين أو صناعة أو محافظة..
بعبارة أشد وضوحاً: هل يمكن لأي من منظّري المواسم بدءاً من اتحاد الفلاحين وصولاً إلى محافظة اللاذقية ووزارة الزراعة أن يقولوا لنا ما هو الموسم الرئيسي في اللاذقية؟.
وهل يمكن لهم تبرير سعر غالون زيت الزيتون الذي بدأ بازاره في الموسم الحالي بمبلغ 250 ألف ليرة سورية؟.
ليست بمشكلة ألا يكون لمحافظة زراعية موسم واضح، فالحمضيات لا تعصر كميات توافق مزاج وزارة الصناعة، ولا يبدو شكل أشجار الزيتون والحراج موافقاً لمزاج البيئة، أما الأسماك فلا يبدو أنها تتقن اللعب في مياه بحرنا..
لم يفت الوقت بعد لترقيع ومن ثم تغيير واقع الحال في تلك المحافظة الزراعية التي عانت الأمرّين من الحريق وسوء التخطيط، وسواء شئنا أم أبينا فهي اليوم وإلى جانبها مساحات أخرى أقل، هي خزاننا الزراعي المقبل.
الكنز -مازن جلال خيربك