فن الممكن.. مصطلح اشتهرت به السياسة وارتبطت به عبر التاريخ القديم والحديث وهو ما زال فاعلاً وصالحاً الى يومنا هذا..
لسنا في وارد شرح مفصل لهذا المصطلح انطلاقاً من يقيننا أن معظم السوريين يعرفون معناه وباستفاضة ..
” فن الممكن” هذا لا يمكن تطبيقه في أسلوب الإدارة الرشيدة إطلاقاً خاصة في أوقات الأزمات والحروب والحصار..
الإدارة هنا يجب أن تكون خلاقة لتصل الى تحقيق مبدأ “ما يجب أن يكون”.. ووضع مصطلح “ما هو كائن” خلف ظهرها…
باختصار يجب أن ترقى مؤسساتنا سواء كانت خدمية أو اقتصادية الى مستوى الإبداع في اجتراح الحلول المفيدة والتي تحقق قيمة مضافة سواء لجهة خدمة المواطن وتلبية متطلباته أو لجهة الارتقاء بأدائها وصولاً الى الهدف الأسمى والغاية المثلى وهي الخدمة المجتمعية الكلية …
بالأمس القريب تفاخرت محافظة دمشق بأنها حققت قفزة بالمجهول عبر حرمان أكثر من 150 وسيلة نقل من التزود بالوقود لمدة 15 يوماً بسبب عدم التزامها باستخدام مادة المازوت المخصصة لغير الغاية التي منحت لأجلها… وعدم الالتزام بالتعليمات …
حسناً ..
للوهلة الأولى يجتمع الكل على أن هذا الإجراء هو ضروري ورادع لمن تسول له نفسه التلاعب بالمواد المدعومة.. وأن المحافظة حققت إنجازاً فريداً يسجل لها حتى وصل برأيهم الى حد ” القفز بالمجهول” ..
ولكن ..
محافظة دمشق غاب عن ذهنها بأنها بهذا الإجراء لم تعاقب أصحاب السرافيس فقط بل طالت عقوبتها آلاف المواطنين والموظفين والطلبة …
أليس هناك من إجراء آخر يحقق الغاية غير هذا؟.
ألم تكن الغرامة المالية أجدى في حالات كهذه؟.
كلنا يدرك أن أزمة النقل وصلت ” مداها” .. والصعوبات التي يلاقيها المواطن أو الموظف بالوصول الى دوامه بسبب قلة وسائل النقل الخاص والعام ..
نعتقد أن هذا الإجراء لم يحالف بعض مؤسساتنا العامة بالحظ ولم يكن حليفها ..بل فاقمت الأزمة و حولتها الى ” مركبة ” بسبب غياب الرؤى الإدارية الحكيمة والخلاقة والتي يجب أن يكون هدفها في نهاية المطاف خدمة المواطن بدلاً من معاقبته …!!.
طبعاً هناك أمثلة كثيرة في حياتنا اليومية عن إجراءات مماثلة إدارية قاصرة تنعكس سلباً على المواطن خاصة في ظل ظروف قاهرة كتلك التي نمر بها …
المطلوب من مؤسساتنا وإداراتنا العامة التفكير بإيجابية مطلقة وخلاقة وتشكيل خلايا إدارية، هدفها إيجاد الحلول السهلة و السريعة وليس تعقيد الوضع أكثر .. وهذا لن يحصل في ظل فكر إداري جامد .. و هذا ما نسميه فساداً إدارياً و هو من أخطر أنواع الفساد ..
المواطن ” يدوّر ” الزوايا يومياً مئات المرات حتى يستطيع ” تدبر ” أمره وعائلته التي تئن وجعاً من ضربات متتالية وصلت الى مرحلة اليأس …
على الملأ -شعبان أحمد