الملحق الثقافي: هفاف ميهوب:
أن تتحوّل مواقع وصفحاتُ التواصل الاجتماعي، إلى ساحاتٍ لاقتتالِ الآراءِ، والخلافات والانقسامات، وتعدّد وجهات النظر، هو أمرٌ اعتدناه منذُ بداية الحرب العدوانية على سورية، واعتدناه أكثر وأكثر، بعد تفاقم غوغائيّة وغباءِ وانقيادِ، المتواجدين على هذه الساحات، ممن افتقدوا الوعي والثقافة والأخلاق، وتمنطقوا بالجهل والضّلال والنفاق.
نعم، لقد اعتدنا على تحوّل تلك المواقع، إلى هكذا ساحات.. لكن، أن تتحوّل إلى دارٍ للعزاء، تتوالى أعداد المشيّعين فيها، مثلما أعداد المعزّين ممن باتت صفحاتهم حائط نعواتِ، فهو أمرٌ بات يلفت النظر، ويجعلنا نتساءلُ بحزنٍ وقهر:
ماذا بعد؟!. وإلى أيّ مدى سيبقى هذا الفضاءُ، يضجُّ بالموتِ الفكريّ والروحيّ والإنسانيّ؟! .. ويا ترى، ما الذي بإمكانه أن يحدّ من تفاقمِ معاركه الحواريّة، الدينيّة والاجتماعيّة والسياسيّة، مثلما من توالي جثامين روّاده، وغيرهم ممن أودعهم في مقبرته، وألقى عليهم الإهمال، بعد أيامٍ تحوّلوا فيها إلى أرقامٍ منسيّة؟..
أيضاً، من بإمكانه أن يوقف ما في ذاكرته، من عواصفِ الكوارث والأخطار، بل ورماد الحرائق التي امتدّت إلى ما وراءِ جدرانه، إلى أن طالت حتى العقول والمفردات والأفكار؟!ّ.
ماذا بعد؟!.. لطالما لا زال ألم الحزنِ والفقدِ، ونزيفُ الدمعِ والوجد، يتردّدا في جنباتِ هذا الفضاء.. الفضاءُ الذي مثلما تمكّن من فرضِ هيمنته، تمكّن من فرضِ عزلته، فكان البلاءُ والوباء.
أسئلةٌ لا يمكن أن يجيب عنها، إلا قارئ الحياة بطريقةٍ عميقةٍ وفلسفيّة، وبعمقِ فكره الذي لابدّ أن يدلّنا، على ما حوّلنا رغّماً عنّا، إلى موتى ومشيّعين في دار العزاء الإلكترونيّة..
يبدو بأننا جميعنا بحاجة لأن نفهم، أين سينتهي بنا هذا العدم؟.. حتى الفلاسفة وأصحاب العقول، بحاجة لأن يفهموا ذلك، فها هو الإيطالي «فرانكو بيراردي» يقول:
«أريدُ أن أفهم الجذور الاجتماعيّة والثقافيّة، لحالة العدمِ التي أصابت الكائن الاجتماعيّ، وأن أتغلّب على مرارةٍ تنبع من كونِ الإنسان، قد تعرّض وذكاءه لنوعٍ من الإهانة والشلل..».
mayhoubh@gmail.com
التاريخ: الثلاثاء2-11-2021
رقم العدد :1070