على وقع زيادة تكاليف الإنتاج الباهظة وغلاء المستلزمات وقلة المحروقات وفقدان الأسمدة، اشتكى عدد كبير من المزارعين من الارتفاع الجنوني لأسعار المواد الزراعيّة، إضافة إلى واقع التقنين الكهربائي الجائر وغلاء الأدوية الزراعية والمبيدات الحشرية ومتطلبات البيوت البلاستيكية وتكاليف الري وأجور النقل واليد العاملة، الأمر الذي يهدد بانخفاض الإنتاج نتيجة اضطرارهم للتوقف عن زراعاتهم، حيث لم يعد المزارعون قادرين على تغطية نفقاتها وبحسبما أكّده المزارعون في الساحل هناك ما يقارب الـ 50 % من البيوت البلاستيكية ستبقى مكشوفة هذا الموسم، ما سينعكس بشكلٍ كارثي على واقع أسعار الخضار.
الزراعة ركيزة أساسية للأمن الغذائي والاقتصادي والاجتماعي ووسيلة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع والمنتجات بشقيها النباتي والحيواني والاستغناء عن الاستيراد وتوفير الاحتياطي من العملة الصعبة، كما أن قطاع الزراعة هو الأكثر استيعاباً للعمالة وامتصاص البطالة بين مختلف القطاعات، ولذلك من الضروري وضع “روزنامة” زراعية واضحة بمفهومها العلمي المتكامل مبنية على التخطيط بعيداً عن الارتجالية تتضمن المحاصيل الاستراتيجية والأساسية الواجب زراعتها ومدى حاجة السوق المحلية منها والفائض للتصدير أو الحاجة للاستيراد، وذلك بهدف إحداث توازن في السوق وتجنيب الخلل الحاصل في العرض والطلب كما حدث في موضوع البطاطا مؤخراً ، وتسهيل منح القروض بشروط ميسرة وتشميل هذا القطاع بمظلة التأمين للتخفيف من المخاطر التي تعترضه وتأسيس صندوق للتعويض في حالات الكوارث والطوارئ وتخصيص الاعتمادات اللازمة لذلك.
أغلب دول العالم أدركت أهمية القطاع الزراعي باعتباره الركيزة الرئيسية لتوفير الاحتياجات الأساسية لمواطنيها وأن الزراعة إحدى دعائم الاقتصاد نظراً لمساهمتها فى الناتج المحلي الإجمالي الذي ينعكس إيجابياً على الصناعة والتصدير، ولذلك قامت باتخاذ سياسة الحماية الاقتصادية للزراعة الوطنية، و تنظيم الحيازة والملكية ودعمت قدرة المزارعين على الحفاظ على الإنتاج من خلال اتباع سياسة الحوافز والأسعار المجدية والاستثمار في الزراعة، وتوفير مستلزمات الإنتاج ومدخلاتها الأساسية كالأسمدة والأدوية والآلات الزراعية وعملت على معالجة المسائل والتحديات التي تقف عائقاً أمام قدرة القطاع الزراعي على النمو والتوسّع لتحقيق أقصى عائد ممكن من الإنتاج وتحسين نوعيته وتخفيض تكلفته.
الزراعة هي صمام أمان وهذا ما أثبتته التجارب والأحداث ولذلك يجب دعمها في بلد يصنّف على أنه بلد زراعي بالدرجة الأولى وهي من أهم القطاعات الإنتاجية فيه.
أروقة محلية -بسام زيود