لن نغوص في تفاصيل وحيثيات ” عام القمح” الذي أطلقته وتبنته وزارة الزراعة في الموسم الزراعي الماضي، وكيف وجهت الوزارة كل مستلزمات الإنتاج وخاصة ” السماد ” الى أماكن زراعة القمح و تم حرمان مناطق أخرى، الأمر الذي أدى الى منعكسات سلبية خطيرة على الإنتاج الزراعي وخاصة في الساحل السوري وتأثر محاصيل استراتيجية مثل الزيتون والحمضيات والتبغ ….!!.
وحتى لا نتهم أننا من معارضي السياسات الزراعية .. و حتى لا نترك مجالاً للشك والتشكيك بهذه الاستراتيجية الزراعية المهمة ” فيما لو نجحت” .. و هنا سنضع مبدأ حسن النية في المقدمة ..
نعم .. كنا سنعترف بجدوى هذه الاستراتيجية لو نجحت على أرض الواقع وكما هو مخطط لها من حيث إنتاح القمح والعودة الى سنوات خلت، أيام كنا من أهم منتجي القمح في العالم وبنوعية ممتازة…
أما أن نخرج “بخفي حنين ” و نصل الى مرحلة الخسارة المركبة .. فلا نحن قفزنا في المجهول وحققنا الهدف من شعار ” عام القمح” .. كما أننا خسرنا إنتاجية المحاصيل الاستراتيجية الأخرى المحرومة من السماد وتجلت هذه الحقيقة المرة من خلال انخفاض الإنتاج لمحاصيل الزيتون والحمضيات والتبغ مقارنة مع السنوات السابقة …
يبدو أن السيناريو سيتكرر أيضاً هذا العام من خلال حرمان بعض المناطق في الساحل السوري من السماد للحجج نفسها التي أثبتت فشلها …!!.
فالسماد حسب المعطيات الأولية سيوزع فقط على الأراضي ” السليخ” أما الأراضي المشجرة فستحرم من السماد ….!!.
الفلاح هنا سيكون أمام مفترق طرق … فإما أنه سيختار تأمين حاجته من السماد من السوق السوداء بأسعار مرتفعة وبالتالي سينعكس سلباً على تكاليف الإنتاج أو أنه سيعكف عن الزراعة و يهمل أرضه وهذه خسارة كبيرة تصيب الاقتصاد الوطني خاصة في ظل الحصار الجائر ..
سورية بلد التتوع الزراعي وهذا ما منحها قيمة مضافة وميزها عن غيرها من الدول … لا بل كانت هذه القيمة “بيضة القبان ” التي ساعدتها على الصمود بوجه حصار أعدائها وإرهابهم العسكري والسياسي والاقتصادي ..
باختصار وحتى لا نلدغ من الجحر مرتين يحب إدارة البوصلة لوجهتها الصحيحة وتدوير الزوايا ومقاربة الأمور بطريقة متساوية وعادلة بين كل المحاصيل.
على الملأ -شعبان أحمد