لماذا لا تعتذر بريطانيا للشعب الفلسطيني عن الجريمة التي ارتكبتها بحقه منذ قرن وأربع سنوات، ومازالت تداعياتها تضرب عميقاً في وطنه؟ ولماذا لا تقوم بتعويضه عن كل ما لحق به من تشريد وجرائم مروعة ومجازر يندى لها جبين الإنسانية، وعلى غرار اعتذار الكثير من الدول عن أمور حدثت وكانت نتائجها المأساوية أقل بكثير من نتائج وعد بلفور البريطاني للصهاينة؟.
ولماذا لا تقوم الأمم المتحدة، التي ذهبت قراراتها حول القضية الفلسطينية في مهب الريح على مدى عقود من الزمن، بإجبار المحتلين البريطانيين لفلسطين باسم الانتداب على تحمل مسؤوليتهم عما جرى، وإجبارهم على تعويض الفلسطينيين وإنصافهم؟.
ولماذا لا يقوم ما يسمى “المجتمع الدولي” بإجبار الكيان الإسرائيلي على الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني والانسحاب من أراضيه المحتلة؟.
أسئلة كثيرة واستفسارات أكبر، ربما الإجابة عنها لم تعد بحاجة إلى كثير من التفكير والعناء، لأن الغرب الاستعماري مازال مستمراً بجريمته، ومازالت المؤسسات الدولية مختطفة من قبله، ومازال ما يسمى المجتمع الدولي أداة طيعة بيد هذا الغرب الطامع، ومازالت مصالحه فوق كل اعتبار، وفوق القوانين الدولية، وفوق المبادئ والشرائع والأعراف الإنسانية.
ولأن الغرب الاستعماري مازال مستمراً بجرائمه وغزوه لشعوب منطقتنا ونهب ثرواتها، ومازالت أميركا وبريطانيا تحاولان رسم خرائط سورية والعراق والمنطقة برمتها من جديد، وعلى مقاساتهما المشبوهة، فإن وعد بلفور الذي سببّ كل هذه المآسي والكوارث على المنطقة، ستستمر مفاعيله وآثاره، وسيستمر الشعب الفلسطيني في مآسيه وتشرده، وسيستمر الكيان الصهيوني بإرهابه ومجازره واستيطانه وجرائمه وممارساته التعسفية بحق الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين، وسيظل يعربد في سماء المنطقة كلها وينشر فوضاه وإرهابه في طول العالم وعرضه!.
البقعة الساخنة -بقلم مدير التحرير أحمد حمادة