الثورة أون لاين- هنادة الحصري:
و نحن نشهد واقع الأزمة نجد أنفسنا مدعوين للبحث عن الهنات التي واجهتنا و التي أدت إلى إفراز معطيات كثيرة.
بداية.. لا شك بأننا نحظى في سورية بلحمة وطنية جميلة فأنت تجد لقاءات و احتفالات تتم في أماكن العبادة المسلمة و على الصعيد الاجتماعي يتعايش المجتمع فلا فرق بين الانتمائين على صعيد الفرد و المجموعة.
السؤال الذي يطرح نفسه الاّن لماذا تتعدد الاراء؟ أرى أن العامل الفكري الذي يسبب تفاوت العقول و مستويات الإدراك والمعرفة يخلق تبايناً في فهم المعتقدات وتفسيرها فيعتقد كل طرف أن فهمه و رأيه هو الأصوب، والانشقاق والتعدد وعلى أساس ذلك الاختلاف الفكري قد يحصل تعارض في المواقف السياسية
و يجدر التنبه إلى أن أعداء أي مجتمع يسعون لتشجيع حالة الاختلاف و الانشقاق فيه لإضعاف وحدته و شل فاعليته و تسريب و ترويج الأفكار التي من شأنها تفريق الواحد و تأليب بعض القوى ضد البعض الاّخر.
و لما كانت التعددية ظاهرة طبيعية في جميع المجتمعات و المعتقدات و المبادئ، فإن التعامل بين الجميع أساس الوعي و مدى التزامه بالأخلاق الفاضلة، ذلك أن الإيمان بقيمة الإنسان كإنسان و حقه في أن يعيش حراً كريماً حسبما يشاء و الإيمان يفرض على صاحبه احترام إرادة الاّخرين و الاعتراف بحريتهم في خياراتهم، و للتربية الأخلاقية دورها الفعال في تنظيم علاقة الإنسان بالاّخرين و خاصة من يختلف معهم.
و إذا كانت هناك أعذار تلتمس و مبررات تفتعل للصراع و العداء بين عدة مجتمعات فما هي مبررات الصراع بين أبناء أي وطن مع انتمائهم لوطن واحد يجمعهم و إيمانهم بمصير واحد، و مع وجود القواسم المشتركة و مجالات الاتفاق التي من مساحة الاختلاف فيما بين مذاهبهم؟
لا شك بأن تفشي الجهل و تدني الأخلاق و تحريك المغرضين من الخارج أو الداخل و عدم فهم الاختلاف بصورته الصحيحة و إقرار حرية العقيدة و الفكر و لكن للأسف مع كل التعاليم الجميلة التي تدعو للاتحاد و التعاون و التآلف و نبذ حالة التنازع و التقاطع ما زالت هناك صراعات فكرية.
لاشك أن من أهم عوامل الصراع و سوء التفاهم الجهل المتبادل و عدم الانفتاح الفكري فيما بينهم حتى على مستوى يحتفظ كل طرف لنفسه بانطباع و موقف سلبي تجاه الطرف الاّخر.
أملنا أن نتجاوز هذه التفاهات و نتخلص من أمراض القرون الماضية فنحن نعيش عصر التقدم العلمي والتكنولوجي في الوحدة و التماسك، والابتعاد عن الجمود و التقوقع لنصل لنهضة ثقافية فكرية تنافس الفكر الغربي في إنجازاته.
لهذا نحن نعول على دور المؤسسات الفكرية كافة في تنوير الفرد والأسرة لنصل معاً إلى مفهوم صحيح للإسلام.
اليوم وليس غداً على مؤسساتنا الثقافية و الفكرية أن تضع برامج حقيقية و فاعلة للارتقاء إلى حيث يجب أن تكون، المهم أن نسد فجوة حدثت بين مؤسساتنا الفكرية و مجتمعاتنا، هذا أوان أن نعمل معاً، يداً بيد، فالوطن للكل ومسؤوليتهم جميعاً، و في رأس القائمة المؤسسات الفكرية.