الثورة أون لاين – عبد الحميد غانم:
تتعمق أزمة الثقة بين الدول المشاركة في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وتتصاعد المشكلات فيما بينها بسبب هيمنة المنطق الأميركي في المواجهة على منطق الحوار البناء والتعاون، الذي تم إنشاء المنظمة من أجله.
فقد أصبحت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أكبر منظمة دولية للتعاون الإقليمي، إذ تضم في عضويتها 56 دولة بينها روسيا، وتأسست في 3 أيار 1973 في هلسنكي بفنلندا ومقرها في فيينا بالنمسا، وتضم في عضويتها 57 دولة من قارات أوروبا وأمريكا اللاتينية وآسيا.
تهدف المنظمة إلى تسوية الوضع الدولي والمحافظة على الأمن والاستقرار في العالم ومنع تكرار الحروب العالمية، ومنع أي حوادث تؤثر على أمن واستقرار أوروبا والعالم.
أهمية هذه المنظمة أنها تضم في عضويتها الدول المتقدمة اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً، ولها اليد الطولى في اتخاذ القرارات السياسية الدولية، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية أرادت تطويع هذه المنظمة لإرادتها ومصالحها وأطماعها الاستعمارية حول العالم، فاصطدمت مع سياسات المنظمة وإرادات دولها ولاسيما روسيا التي منعت حرف المنظمة عن مسارها وهدفها المنشود وهو إرساء الأمن والاستقرار في ربوع العالم، فسياسات الولايات المتحدة الأمريكية قائمة على ممارسة التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى والتأثير على أمنها واستقرارها كما تفعل اليوم مع جيران روسيا كبلاروس وأوكرانيا وجورجيا من أجل محاصرتها والتضييق عليها.
وتظهر اجتماعات منظمة الأمن والتعاون الأوروبي ومناقشاتها الأخيرة بأن الوضع الدولي يتسم بالتأزم بين الدول المشاركة فيها، حيث تغلب واشنطن منطق المواجهة على منطق الحوار البناء والتعاون، الذي تم إنشاء منظمة الأمن والتعاون في أوروبا من أجله.
إن محاولات الولايات المتحدة الأمريكية استخدام منظمة الأمن والتعاون في أوروبا للتدخل في الشؤون الداخلية يعتبر طريقاً خطيراً للغاية لأنه يعرض الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم للخطر، نظراً لتغطيتها الجغرافية الواسعة، كما تؤثر هذه المحاولات على دور المنظمة وأهدافها وتهدد قدرتها على لعب دور مهم في إيجاد استجابات جماعية للتحديات والتهديدات المشتركة، ومن أجل إطلاق العنان لهذه الإمكانية الموحدة المهمة للغاية يجب على منظمة الأمن والتعاون في أوروبا زيادة كفاءة مؤسساتها وتصحيح بعض الاختلالات في أنشطتها الجغرافية والموضوعية على حد سواء.
لذلك تذهب روسيا وغيرها من الدول الحريصة على نجاح المنظمة في تحقيق أهدافها إلى ضرورة إصلاح المنظمة للحد من سياسات أمريكا وممارساتها العدوانية المهددة للأمن والاستقرار العالمي وتأجيج المشكلات العالمية للهيمنة والسيطرة على ثروات المنطقة والعالم