الثورة أون لاين – غصون سليمان :
لعل موسم الاحتفال باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة لايعدو كونه مهرجانا احتفاليا تفاعليا لتكرار نفس الشعارات والعبارات الطنانة الرنانة كل عام من شهر تشرين الثاني، وبالتالي فإن حصر طرق واساليب العنف بممارسات الرجل ضد المرأة، او الزوج ضد الزوجة، أو الأخ ضد اخته، والأب ضد ابنته ،هي مفارقات لخارطة مجتمعية دولية يتكرر فيها السيناريو ذاته ويختصر شقاء النساء وحتى الرجال بموضوع العنف الواقع على المرأة ،بين سلوك الذكر ضد الأنثى، في الوقت الذي تتعدد فيه محفزات ومحرضات القتل والتعنيف والتعذيب وتشويه الحقائق على مستوى العالم وليس على مستوى منطقة معينة في المحيط الجغرافي الواسع حسب منظار المصالح القريبة والبعيدة.
لاشك هناك العديد من الممارسات السلبية التي تؤذي الأنثى والرجل على السواء بدءا من العنف اللفظي وليس انتهاء بقتل الجسد والروح، والذي يخبىء في داخله مزيدا من قلة الهيبة والاحترام والتقدير ويترك جملة من التراكمات المؤلمة في النفس لايمحو اثرها ربما سنوات، رغم أطنان الشعارات والأحلام الوردية.
والعنف هنا ليس ثقافة عامة بقدر ماهو يعكس بيئة الشخص وتربيته ومستوى تعليمه وادراكه وفهمه لموضوع الشراكة الزوجية والأبوية والأخوية وفق قوانين كل شعب ودولة.
مناهضة العنف ضد المرأة يجب ان يسأل عنه أباطرة الحروب الذين يصدرون موجات الموت الى صدور الناس وفي المقدمة النساء اللواتي يكن الضحايا الأولى لأي عبثية حرب عدوانية.
ولعل السنوات العشر التي مرت على سورية كشفت زيف كل مايتعلق بشعارات حقوق الانسان من خلال المتاجرة وطمس الحقائق الوجدانية واعتماد لغة التهويل لاظهار واقع النساء والأطفال بالبؤس والحالة المأساوية وحتى الكارثية، لتمويه ماتخطط له تلك الدول والحكومات عن طريق المنظمات الاممية.
وهنا يغيب عن برنامج تلك المنظمات الدولية المهتمة بشعار مناهضة العنف ضد المرأة حجم المأساة والجرائم واساليب القتل التي مورست بحق المرأة السورية في كل شبر من جغرافية الوطن وكذلك المرأة اليمنية والفلسطينية والجولانية وغيرها، فلم نسمع عن صدور أي بيان إدانة أو استنكار لما فعلته الحرب الطاحنة بحق النساء اللواتي يمثلن عجلة التغيير والانتاج ،وجوهر بناء الأسرة وعمود التحصين الاجتماعي والاقتصادي والتعليمي اذا ما أخذت حقها من الرعاية والاهتمام .
لقد عملت الدولة والحكومة السورية كل مابوسعها على مدى سنوات طويلة بجميع مؤسساتها ومنظماتها ونقاباتها على دعم المرأة بغية النهوض بواقعها وتحسين ظروفها واسلوب حياتها وبيئة عملها على جميع المستويات ،فكانت دور الحضانة ورياض الأطفال، والتعليم المجاني والرعاية الصحية وممارسة العمل القيادي ،ماجعلها في الطليعة إلى جانب الرجل الذي ساندها وكان عونا لها ،بغض النظر عن بعض التجاوزات التي قد تحصل هنا وهناك .
ان مناهضة العنف ضد المرأة تبدأ باحترامها لذاتها وممارسة حقها في التعلم والتعليم واختيار العمل والشريك المناسب لطالما الجميع متساوون بالحقوق والواجبات وفق الدستور الوطني.
وبعيدا عن مؤثرات وتداعيات الحرب العدوانية الظالمة على وطننا الآمن، نجد ان بلدنا سورية كانت ومازالت وستبقى رائدة في دعم واحترام سيدة المجتمع المرأة الأنثى من طفولتها إلى شيخوختها مهما تلونت شعارات التخريب وعزفت على حبائل التضليل قصيرة الأجل.