الثورة- ريم صالح:
أربعة وسبعون عاما مرت على ذكرى قرار تقسيم فلسطين الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 29/11/1947، تحت رقم “181” ونتج عنه زرع الكيان الصهيوني على أرض فلسطين كقاعدة إرهابية متقدمة للغرب، بعد تشريد أكثر من 700 ألف فلسطيني في أصقاع الأرض ولاتزال فصول نكبتهم متواصلة دون أن يحرك المجتمع الدولي ساكناً للجم المحتل ووقف جرائمه، وحتى هذا اليوم مازال الاحتلال الإسرائيلي يراكم جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، من دون أن تدفع هذه الجرائم الأمم المتحدة إلى تحمل مسؤولياتها المنوطة بها، خاصة أن هذه الجرائم تخالف مبادئ حقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي كون فلسطين أرضا محتلة، واكتفت الأمم المتحدة بإصدار قرارات خجولة مليئة بعبارات الشجب والاستنكار دون تحرك فعلي لتطبيق قراراتها ذات الصلة بالقضية الفلسطينية.
ذكرى قرار التقسيم يتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1977 تأكيداً على حق الفلسطينيين في تقرير المصير وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس، ورغم رمزية هذا اليوم للتذكير بمأساة الشعب الفلسطيني، تسعى حكومة العدو الصهيوني في كل عام إلى عرقلة الاحتفال به، ومنع اتخاذ أي قرار لصالح الشعب الفلسطيني، حتى وإن كان مثل هكذا قرار لا يؤثر على مشاريعها الاستعمارية والاستيطانية، ما يعكس الدعم اللا محدود الذي تتلقاه من الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الغربية التي لا توفر جهدا في إظهار الدعم لها في المحافل الدولية، لتبرير جرائمها وشرعنة احتلالها، وتقديم الغطاء السياسي والعسكري لها بغية تحقيق مصالحها واستمرارية وجودها غير الشرعي في آن معا.
ما سمي بقرار التقسيم والذي تضمن إنشاء الكيان الصهيوني على مساحة 54% من مجموع مساحة فلسطين البالغة (27027 كم2)، ودولة فلسطين على مساحة تقدر 44%، فيما وضعت مدينتا القدس وبيت لحم تحت الوصاية الدولية، هو استكمال لوعد بلفور المشؤوم الذي أصدرته الحكومة البريطانية بتاريخ 2 تشرين الثاني عام 1917 عبر رسالة لوزير خارجيتها آرثر بلفور وجهها إلى اللورد ليونيل دي روتشيلد أحد أبرز المتزعمين الصهاينة، حيث قرار التقسيم تعامل مع الأغلبية العربية كأقلية في أرضهم التاريخية، وهذا يؤكد ما جاء به وعد بلفور المشؤوم.
الحركة الصهيونية وقبل صدور قرار التقسيم عملت بكل ثقلها وعلاقاتها آنذاك على تأمين ثلثي الأصوات لإقرار خطة التقسيم، لما تتضمنه من تحقيق المشروع الصهيوني، بإقامة الكيان الغاصب على أرض فلسطين التاريخية، وهذا كان الهدف الأبرز للعصابات الصهيونية منذ مؤتمر بازل الذي انعقد عام “1897”، ونلاحظ اليوم مدى الدعم الأميركي لتحقيق كامل هذا المشروع، مقابل تصفية القضية الفلسطينية والإجهاز على كامل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، لاسيما من خلال “صفقة القرن” التي وضع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب كل ثقله لتنفيذ بنودها المجحفة بحق الفلسطينيين، الأمر الذي يبدد حلم إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، حيث التهمت قوات الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 85% من أراضي فلسطين التاريخية بما فيها أكثر من نصف مساحة الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية على مدار العقود الماضية، ولم يتبقَ للفلسطينيين سوى أقل من 15% فقط.
اليوم وبعد عقود طويلة من الاحتلال، تضاعف سلطات العدو الصهيوني جرائمها بحق الفلسطينيين، وترفع وتيرة الاستيطان بنسب لم يسبق لها مثيل لترتفع معها عمليات تهجير الفلسطينيين، وتهديم بيوتهم ومنشآتهم وتجريف أراضيهم الزراعية والاستيلاء على المزيد منها، ، بالإضافة إلى القتل الممنهج الذي يمارسه جيش الاحتلال وقطعان مستوطنيه، ولكن رغم كل تلك الجرائم، ورغم كل الدعم الأميركي والغربي للكيان الصهيوني، إلا أن الفلسطينيين متشبثون بأرضهم، ومتمسكون بحقوقهم التاريخية المشروعة، وهم اليوم أكثر إصرارا وعزيمة على استعادة أرضهم وحقوقهم.