صاحب الموسوعة الدمشقية ..د. محمد شريف عدنان الصواف: دمشــق مدينــة الســحر والجمــــال والحضـــــــارة
ثورة أون لاين:
دمشق مدينة السحر والجمال والحضارة على اسوارها تحطمت كل المؤامرات سابقا والان وغدا وهي نسج انساني رائع لم يعرف التاريخ مثالا له في العطاء والالفة والمحبة والتقدير هي سحر الشرق وعنوانه واقدم عاصمة على وجه الارض
وهي التي رفعت سيفها دائما بوجه الغزاة ودافعت عن العروبة والاسلام وهي مركز الاسلام المعتدل ومنها انتشرت المسيحية الى العالم هذه الاسباب كلها جعلت الوحوش الكاسرة تعمل على نهشها والتامر عليها ذئاب الاعراب وكواسر الغرب.
حول دمشق ونسيجها الانساني ومحطاتها كان لنا هذا اللقاء مع محمد شريف عدنان الصواف صاحب اشهر موسوعة عنيت بدمشق المسماة: موسوعة الاسر الدمشقية. وهذا الاسم لا يعني دمشق وحدها ابدا بل هو تاريخ لبلاد الشام كلها.
– كيف كانت سورية محطة وموئلا للجميع؟
— مدينة دمشق مدينة فريدة، هي مدينة (السحر والشعر) كما سماها العلامة محمد كرد علي، في أحد كتبه، وهي (مدينة الأسرار) كما قال الباحث الأستاذ نصر الدين البحرة في كتاب له.
مدينة جمع الله لها عذوبة الماء، ولطف الهواء، وذكاء ورقة سكانها، إضافة إلى أهمية المكان والجغرافيا، والأهم من ذلك كله أنها كانت الوريثة لأهم الحضارات الكبرى المتعاقبة في حوض البحر الأبيض المتوسط.
مثل الآراميين، والأنباط، والإغريق، والرومان، ثم الحضارة العربية والإسلامية بتتابع دولها منذ العهد الراشدي فالأموي، فالعباسي، فالأيوبي، والمماليك، والعثمانيين.
كل ذلك جعل منها مدينة فريدة، غنية بتنوعها، قوية بثرائها الفكري، معشوقة من كل من يزورها أو يسمع بها.
دمشق التي قاومت الفناء، وقامت من الموت مرات كثيرة لتنشـر ثقافة الحب، والرحمة، والجمال، والحضارة.
والغريب في دمشق أنها كانت تستقبل الثقافات الوافدة فتعيد صياغتها، ثم تعيد نشرها من جديد في العالم.
فدمشق قبلة المهاجرين الذين يستوطنونها لأسبابٍ متعددة دينية، أو اجتماعية، أو عرقية، فيندمجون بها، ويصبون فيها حضارتهم وثقافتهم، ثم تعيد دمشق إنتاجها مرة أخرى وتصديرها للعالم.
وهذا ما جرى مع شخصيات كبيرة وفدت إلى دمشق واستوطنتها ثم (تدمشقت) وكان انتاجها الحضاري نوراً يشع من دمشق على العالم.
– البحث في الأنساب وتاريخ الهجرة الإنسانية، وتاريخ الأعلام يقودنا إلى محطات قد لا تكون معروفة بعضها سار، وبعضها غير ذلك.. ما تعليقكم؟
— كلامك صحيح، فمن خلال كتابة تاريخ الأسر الدمشقية، والحديث عن أنسابها وأعلامها ستجد بعض المآثر الكبيرة، وستجد مثالب وسقطات.
والطريف أن بعض الناس يريدون من المؤرخ عندما يتحدث عن تاريخ أسرتهم أن يذكر فضائلهم، ويغض الطرف عن المواقف والأخبار الأخرى.
والمؤرخ يجب أن يكون مرآة صادقة ينقل الصورة الحقيقة، حتى يظهر إحسان المحسن، وتعرف إساءة المسيء.
هناك معلومات هامة لا تزال مجهولة عن دور بعض الرجال الدمشقيين الذين لم يأخذوا حقهم في التعريف بهم من أمثال بعض الولاة العثمانيين الذين خدموا دمشق من أمثال مدحت باشا، وناظم باشا.
وبعض السياسيين الدمشقيين الذين كان لهم دور مشـرف في خدمة مجتمعهم من أمثال: خالد العظم، ولطفي الحفار، وعبد القادر الخطيب، ويحيى الصواف، وفخري البارودي، وفارس الخوري.
وبعض أعلام المربين من أمثال: جودت الهاشمي، ومصطفى الصواف، ورشيد بقدونس، ورضا السعيد، والشيخ محمد شريف اليعقوبي، والشيخ محمد علي الدقر، والشيخ هاشم الخطيب.
وأعلام الاقتصاديين، من أمثال: عارف الحلبوني، ومحمد شريف النص، وبدر الدين دياب، وعبد الهادي الرباط، ومحمد سعيد الحمزاوي، وعزة الطربلسي، وحسني الصواف.
وأعلام الأطباء، من أمثال: إبراهيم الساطي، ورشدي العطار، وحمدي الإدلبي، ومأمون المهايني، شوكت الشطي، وحسني سبح.
وأعلام العلماء والدعاة والمفكرين، من أمثال: الشيخ محمود حمزة، والشيخ طاهر الجزائري، والشيخ محمد جمال الدين القاسمي، ومحمد كرد علي، والشيخ أمين سويد، وعبد القادر المبارك، والشيخ أحمد كفتارو، والشيخ بهجة البيطار، والشيخ محسن الأمين.
وأعلام الإعلاميين، من أمثال: يحيى الشهابي، وصباح القباني، وزهير الأيوبي.
وكل واحد من هؤلاء يستحق أن يُفرد في حقه كتاب مستقل.
– عبر موسوعتك هذه كيف تقرأ تاريخ دمشق بمحطات سريعة ماضياً وحاضراً، ومستقبلاً؟
— بالنسبة لي تاريخ دمشق ومستقبلها شيء واحد لاينفصل، وهو يختصر في كلمات قليلة:
الياسمين، والوردة الدمشقية، والبحرة التي ترقص مياهها فيها طرباً في ليلة سمر صيفية.
والمسجد الأموي الذي تصدح مآذنه بدعاء السحر، وآذان جوقته الشهير، وقبة النسر التي تحوم حولها حمامات دمشق التي عشقتها حتى صارت جزء من منها.
وقباب مساجد دمشق، ومدارسها، وقبور العظماء الذين دفنوا فيها.
ورسالة دمشق رسالة الحب، والحضارة، والعلم، والأدب، والشعر.
ففي دمشق يولد كل يوم شاعر، وطبيب، ومفكر، ورجل دين ليكون مستقبل دمشق في أيامها الآتية.
– أسر كثيرة هاجرت من المغرب العربي، وغيره واستقرت في دمشق، وصارت جزءاً من نسيجها الحضاري هل لك أن تذكر لنا أشهر تلك الأسر المهاجرة، ودلالات تلك العملية الحضارية؟
— كانت دمشق معبراً للشعوب ومستقراً للهجرات أو طريقاً لها على مرِّ الزمان، وذلك لما حباها الله به من خيرات وافرة، وموقع ممتاز على مُلتقى القارات وساحل البحر الأبيض المتوسط، فهي صلة الوصل ببن مصـر والحجاز والعراق والأناضول، والمغرب العربي وأوربا، ولذلك تنوعت مصادر الهجرات إليها من الأقاليم كافة.
وهي على مرِّ التاريخ القديم والحديث المركز الحيوي الأول والأهم في بلاد الشام، وهي المركز الاقتصادي والعلمي لبلاد الشام وما حولها عبر العصور، وطريق الحج والتجارة للقادم من المشرق والمغرب.
وقد كانت هذه الهجرات على نوعين:
أولاً: الهجرات الفردية: حين كان يقوم ربُّ الأسرة، وأفراد عائلته بالهجرة لِغَرضٍ تجاري أوعلمي أونحوذلك.
ثانياً: الهجرات الجماعية: وغالباً ما تكون هرباً من ظروفٍ سياسيةٍ أواقتصاديةٍ صعبةٍ، ومن أهم الهجرات الجماعية التي عرفتها مدينة دمشق هجرة بني قدامة وحلفائهم من فلسطين، واستيطانهم في صالحية دمشق في القرن (6هـ).
ثم هجرات الأكراد المتلاحقة، وخاصة في القرنين (11، 12هـ)، وقد نزلوا بجوار الصالحية شرقي قاسيون.
وهجرات التركمان المتلاحقة والذين نزلوا في حي الميدان.
ثم الأرمن الذين نزلوا شرقي دمشق، والأتراك، الذين توطنوا غربي الصالحية (في نهاية القرن الثالث عشر الهجري).
وهجرة أهالي بعلبك وسهل البقاع في القرن الحادي عشر.
وهجرة المغاربة من الجزائر، وتونس، والمغرب العربي الذين أقاموا في حي السويقة، قرب باب المصلى في أوائل القرن (13هـ)، وأخيراً هجرة الفلسطينيين في عامي (1367هـ/1948م)، و(1387هـ/1967م).
ولذلك نجد اليوم العديد من الأُسر الدمشقية الكبيرة تعود أصولها إلى خارج مدينة دمشق من مدن الشام وغيرها من الأقاليم الأخرى.
وعلى صعيد الواقع العملي كانت هذه الأُسر تمارس دورها الاجتماعي في مجتمع مدينة دمشق في شتى ميادينه دون تفريق أوتمايز كجزء أصيل منه.. وهذا يؤكد عظمة دمشق، وقدرتها الفائقة على الاستفادة من الثقافات الوافدة، وإعادة صياغتها وإصدارها بنسخة دمشقية جديدة.
– هل تعتقد أنك جمعت في موسوعتك كل الأسر الدمشقية؟
— بالتأكيد لا.. فقد صدرت الطبعة الأولى من كتاب موسوعة الأسر الدمشقية وتضمنت التأريخ لنحو 200 أسرة دمشقية، ثم صدرت الطبعة الثانية، ثم الطبعة الثالثة، وأخيراً الطبعة الرابعة وفيها أكثر من 400 أسرة، ولاتزال نحو 50 أسرة دمشقية تحتاج إلى دراسة تاريخها وأنسابها، وأشهر أعلامها، لتصدر في طبعة قادمة إن شاء الله.
– ماذا بعد الأسر الدمشقية، هل لديك عمل دمشقي جديد؟
–أنا أحضر الآن لإصدار عمل جديد يتحدث عن تاريخ العلم في دمشق لمدة اربعة قرون خلت.
بطاقة تعريف
الدكتور محمد شريف عدنان الصواف:
– دكتوراه في الفقه المقارن
– مدير فرع مجمع الشيخ أحمد كفتارو في معهد الشام العالي
– دبلوم في العلوم الزراعية من جامعة دمشق.
-إجازة في اللغة العربية والدراسات الإسلامية من كلية الدعوة والدراسات الإسلامية.
-دبلوم في الفقه المقارن.
– ماجستير في الفقه المقارن.
– عضو اللجنة العليا للأبحاث الفكرية والفقهية في وزارة الأوقاف.
– عضو المكتب التنفيذي لاتحاد علماء بلاد الشام.
عن صحيفة الثورة