زيت الزيتون بات مفقودا.. والخاسر الأكبر في المعادلة التجارية الخاصة به هذه السنة مناصفة ما بين المزارع والمواطن دون منازع.. أما الحلقات التجارية الأخرى فهي رابحة كأفضل ما يكون الربح ومتخمة على حساب المنكودين الاثنين أعلاه..
حدث كل ما حذّر الإعلام منه، والمادة فُقدت وأسعارها في السماء، في وقت يلهب الزيت النباتي الآخر جيوب الناس ووجوده خجول، فهل يعني ذلك استغناء المواطن عن الزيت بكافة أنواعه وشطبه من قائمة توليفته الغذائية المتهالكة التي يسقط جزء منها أسبوعياً نتيجة الاحتكار والجشع والتلاعب وغياب الرقابة مجتمعة.
فقدان زيت الزيتون مشكلة، ولكنه كارثة حقيقية غير مسبوقة في تاريخ الساحل، فعندما لم يعد لدى مُزارع الزيتون من زيته إلا أقل القليل، ولم يعد ممكناً له ان يُدخل هذا الموسم في حسابات دخله الهزيل، ذلك يعني حكماً ابتعاده عن الاهتمام بهذه الشجرة وبالتالي تضاؤل الموسم القادم أكثر وبعده أكثر، حتى نتحول وبكل جدارة وذكاء إلى استيراد زيت الزيتون.. وعندها.. وا خجلتاه من الآباء والأجداد..
يتحدث من يتحدث عن احتكار أحدهم للكميات القليلة المتوفرة من زيت الزيتون في الساحل، الأمر الذي رفع سعر الغالون الواحد منه (رغم فقدانه) من 225 ألف ليرة إلى 300 ألف ليرة سورية، طبعاً للزيت الأخضر العادي، أما زيت الخريج (الذي يتم سلقه قبل عصره) فلا أحد يجرؤ أن يتحدث عنه قبل توفر 425 ألف ليرة في جيبه..!! فمن المسؤول؟.
الجميع مسؤولون، فالخطط الزراعية المتهالكة لمديريات زراعة الساحل وبالأخص اللاذقية لعبت دوراً، وغياب مسؤولي وزارة الزراعة مركزياً على مدى سنوات لعب دوراً كذلك، أما التقصير الأبرز فهو للمحافظات على مدى سنوات، ممن احتمت بمخالفات البناء واعتبرتها المهمة الأكثر ضرورة مهملة هوية المحافظة الحقيقية ومتجاهلة دورها في تأمين هذه المادة والمحافظة عليها كما حافظنا على صناعة النسيج مثلاً باعتبارها هوية المحافظة التي احتضنتها..!!
القادم زراعياً أسوأ ولا شك، وكما اقتلع الفلاحون في اللاذقية وبكثرة أشجار الحمضيات لانعدام جدواها، يبدو أن الدور بات على الزيتون والذي أصبح اليوم وبكثرة حطباً يباع بالطن لمن يدفع أكثر، وإن قال قائل إن ذلك خسارة للفلاح.. فليجبنا القائل عن البديل الحكومي المحتمل لكل ما يندثر من زراعات نتيجة الفقر الناجم عن التجاهل..
الكنز- مازن جلال خيربك