الثورة – عبد الحميد غانم:
هل وجود الاحتلال الأمريكي على الأرض السورية هو فعليا لمكافحة الإرهاب وملاحقة تنظيم داعش؟ كما تدعي الإدارة الأمريكية الحالية أو السابقة، إذاً كيف تفسر هذه الإدارة أو تلك سرقة قواتها المحتلة للنفط السوري، وماذا تقول عن ممارسات القوات الأمريكية عندما تتغلغل في الأرض السورية دون إذن شرعي من الحكومة السورية، وماذا عن دورها في رعاية مليشيا قسد بالسلاح والمال لتقيم كيانا انفصاليا يحقق هدفه في تقسيم الوطن السوري وتفتيته.. ولماذا سرقة القمح السوري؟ أين مزاعم أمريكا من مكافحة الإرهاب؟ ألا تمارس سياسات احتلال وعدوان ضد السيادة السورية.
إنها مسرحية هزلية مضحكة تدعي أشياء وتمارس أشياء على النقيض منها.. وهذه ليست غريبة عن أمريكا فقد احتلت أفغانستان من قبل بحجة مكافحة الإرهاب والقضاء على تنظيم طالبان وإقامة الديمقراطية، وبقيت محتلة أفغانستان لعقدين من الزمن وخرجت من أفغانستان هاربة – وفق الكثير من التحليلات الدولية والأمريكية – من المأزق الذي وضعت نفسها فيه، ولم تقض على الإرهاب وتقيم تلك الديمقراطية المزعومة، وتركت البلاد غارقة بمشكلاتها تنتظر مستقبلا غامضا خطيرا لا تعرف حجم تداعياته، وظهر تنظيم طالبان كمارد يبسط سيطرته على البلاد من جديد.
كذلك عندما احتلت أمريكا العراق تحت حجج واهية ثبت فيما بعد كذبها وخداعها للعالم التي أوهمته أن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل، وأنها تريد تخليص العالم منها وتحقيق الديمقراطية، لتتسبب بكوارث ومخاطر شتى على العراق ومستقبله.
لقد تسببت سياسات أمريكا بالكثير من المشكلات الداخلية جراء تدخلها السافر في شؤون دول المنطقة الداخلية وألحقت الأذية بشعوبها جراء قرارات الحصار والعقوبات الاقتصادية المفروضة عنوة على سورية ودول أخرى في المنطقة والعالم.
كما تدخلت أمريكا تحت ذريعة الديمقراطية الغربية وحقوق الإنسان بالشؤون الداخلية للصين وأوكرانيا وبيلاروسيا وفنزويلا وكوبا وحتى روسيا الاتحادية التي تريد محاصرتها وإخضاعها لإرادتها من خلال سياساتها العسكرية للناتو وتأجيج الخلافات بين روسيا مع جيرانها .
كما تتدخل أميركا بالبرنامج النووي الإيراني السلمي وتعرقل المفاوضات التي تجري بشأنه عبر استمرارها في فرض العقوبات وعدم التراجع عنها.
إن مسرحية الديمقراطية المزعومة التي تمثلها أمريكا مع جوقة دول الغرب الأخرى ليست إلا مسرحية هزلية كاذبة تخدع بها العالم ويسوقها إعلامها، كغيرها من جملة المسرحيات السابقة التي خدعت بها العالم طوال عقود لتحرف الرأي العام العالمي والأمريكي عن ممارساتها العدوانية بأشكالها المختلفة وتبريرها تحت حجج وأضاليل غريبة، لكنها في الحقيقة مجرد كلام حق يراد بها باطل.
إن وجود أمريكا العسكري على الأرض السورية هو احتلال مثلما هو الاحتلال الإسرائيلي للجولان، والاحتلال التركي للواء اسكندرون والمناطق التي يدعم فيها الإرهابيين.
وطبيعي أن يواجه الاحتلال بالمقاومة المشروعة بكل أشكالها وفق ماتقره القوانين والمواثيق الدولية.. لذلك فمن الطبيعي أن يواجه الشعب السوري الاحتلال أينما وجد على أرضه بالمقاومة المشروعة بكل أشكالها.
فإذا كانت أمريكا حريصة على أمن الشعوب وتدعي بأنها تناصر الديمقراطية فعلا لا قولا، فلتسع لرفع الاحتلال والعدوان والظلم أولا عن دول المنطقة..قبل أن تحاضر خداعاً ونفاقا بهذه القيم وتتاجر بها لحساب مصالحها وأطماعها التوسعية، وقبل كل شيء عليها أن تكف عن سياسات الحصار والتجويع وانتهاك سيادة الدول وإذلال الشعوب والسعي للهيمنة على مقدراتها وثرواتها والسيطرة على مستقبلها.