الثورة – ميساء الجردي:
تحت عنوان (الاستراتيجيات الحديثة في المكافحة الحيوية والإدارة المتكاملة) ناقش المشاركون في المؤتمر الوطني الثاني للمكافحة الحيوية والمتكاملة بكلية الزراعة بجامعة دمشق مجموعة من المحاور التي تتعلق بالمكافحة الحيوية باستخدام الحشرات (المفترسات والطفيليات) والفرمونات ودورها في المكافحة الحيوية، والتطبيقيات الحديثة للنيماتودا الممرضة للحشرات في برامج المكافحة المتكاملة مع الاتجاهات الحيوية في إدارة النيماتودا الممرضة للنبات، وكذلك المكافحة الحيوية والمتكاملة للأعشاب الضارة، والمستخلصات النباتية التي تخدم هذا الاتجاه، والمكافحة الميكروبية للآفات واستخدام التقانات الحيوية والتقانات المتطورة لخدمة هذه الاستراتيجية الحديثة.
وأكدوا على أهمية البحوث والدراسات المطروحة في المؤتمر لما تشكله من رافعة للنهوض بالقطاعات التنموية الاقتصادية والاستفادة من التوصيات والمقترحات للنهوض بالبحث العلمي واستثمار المخرجات في دعم القطاع الزراعي، واستخدام التقانات الحديثة والمتطورة في المكافحة الحيوية، والعمل على إيجاد شراكة حقيقية وعملية مع وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي وهيئاتها البحثية في مجال الإشراف المشترك على رسائل الدراسات العليا وفي إنجاز بحوث علمية مشتركة تخدم القطاع الزراعي في سورية.
بين عميد كلية الهندسة الزراعية الدكتور عبد النبي بشير: أهمية المؤتمر في تسليط الضوء على الدراسات والبحوث الزراعية التي تسهم في تعزيز استراتيجيات المكافحة الحيوية والمتكاملة التي باتت حاجة أساسية من أجل تلافي الآثار البيئية والصحية الناجمة عن استخدام المكافحة الكيميائية والتقليل من استيراد المبيدات الكيميائية وتطبيقها وتخفيض الآثار المتبقية للمبيدات على المنتجات الزراعية. لافتا إلى جودة الأبحاث المشاركة وأهميتها في توضيح وعرض الأساليب المرشحة لإدارة الآفات الزراعية والحضرية بالاعتماد على المكافحة الحيوية وتسهيل تبادل المعلومات والخبرات عن الأنشطة البحثية والتطبيقية في مجال المكافحة الحيوية للآفات بين الباحثين المشاركين وكذلك مراكز تربية الأعداء الحيوية في سورية.
وأكد الدكتور خالد مكوك رئيس تحرير مجلة وقاية النبات العربية أن جل الأبحاث العلمية تركز اليوم على البحث في مجال الفيروسات النباتية واستخدامها في معالجة الأمراض البكتيرية، وخاصة في السنوات الأخيرة حيث حصلت نقلة نوعية على مستوى العالم بهذا الجانب ودراسته ونشره، وهو مناسب لطلاب الدراسات العليا للتعرف أكثر على الإمكانيات التي يحدثها العالم في هذا المجال، لافتاً إلى بعض الأمراض البكتيرية الموجودة في البيئة السورية مثل مرض( اللفحة النارية في التفاحيات) التي كانوا يستخدمون مركبات نحاسية كمبيدات للقضاء على البكتريا المسببة لها، ولكن بعد أن ظهرت أضرارها البيئية الكبيرة جداً، ذهبت الاتجاهات نحو استعمال الفيروسات الحية للقضاء على هذه البكتيريا. وكذلك الأمر بالنسبة للبكتريا التي تصيب أشجار الزيتون ومنها ما يسمى (مرض عقد أو تدرن الزيتون) وبحسب التجارب التي أجريت عام 2004 واستخدام الفلاتر لعزل هذه البكتريا عن أشجار الزيتون تبين إمكانية معالجتها عن طريق الفيروسات. مبيناً إمكانية القيام بهذا العزل محليا وعدم الحاجة لاستيراد هذه الكائنات الحية من الخارج، خاصة أن المخابر البحثية السورية تحتوي على عازلات رائحة، وقد سجلت الكثير من قصص النجاح والتجارب المستفادة.
من جانبها بينت الدكتورة رندة أبو طارة اختصاصية بالمكافحة الحيوية الاهتمام العالمي بموضوع المستخلصات النباتية لاستخدامها بديلا عن المبيدات الكيماوية التي أثبتت ضررها وخطرها على البيئة وصحة الإنسان، ليس فقط في مجال الصيدلانيات والعقاقير الدوائية بل في عدة اتجاهات. مبينة أهمية استخدام مستخلصات النباتات الطبية والعطرية الموجودة في البيئة السورية للمساهمة في مجال مكافحة الآفات ومعالجة العديد من الأمراض التي يمكن أن تفوق فعاليتها فعالية المنتجات الكيماوية. وأكدت أن جميع الدراسات اليوم تسير في هذا الاتجاه، منها الأبحاث المتعلقة بزراعة نبات الزعفران التي دخلت إلى سورية مؤخراً، بعد أن أثبت فعاليته ضد الكثير من الأمراض النباتية وتبين أنه مضادا بكتيريا ومضاد فيروسيا وفطريا.
وأوضحت طارة: أن أي غذاء عليه بعض العفن يمكن أن يسبب السموم الفطرية الخطيرة وبالتالي يمكن استخدام تأثير بتلات الزعفران للقضاء عليها. وهناك أبحاث مشابهة يتم العمل عليها حاليا في مخابر كلية العلوم وهي (مستخلصات الختمية الدمشقية) الموجودة بكثرة في سورية وبألوان مختلفة.
الدكتور بسام عودة من مركز البحوث بجامعة حمص، تحدث حول أهمية المكافحة الحيوية للأمراض التي تصيب شجرة الزيتون، وأهمها الذبابة التي تسبب مرض عين الطاووس، والتي جرت العادة لدى المزارعين باستخدام المبيدات الكيميائية للتخلص منها. في حين أثبتت الدراسات أهمية استخدام البدائل سواء اليدوية كالمصائد البلاستيكية الجاذبة للذباب والآمنة بيئيا على صحة الإنسان بشكل عام، أو المصائد اللاصقة أو المصائد الصفراء، أو مصائد ماكفون التي تبين أنها الأفضل بين تلك المصائد، وجمعيها لا تحتاج لتكلفة كبيرة حيث يوضع في هذه المصائد مواد غذائية يمكن الحصول عليها مراكز الإرشاد الزراعي الموزعة في كل المناطق الريفية والتي تتغذى عليها الذبابة ومن ثمة تموت.
هذا وقد استمر المؤتمر على مدى يومين بمشاركة باحثين ومحاضرين من كلية الهندسة الزراعية والجمعية العربية لوقاية النبات وعدد من الجهات البحثية.
وحضر الافتتاح مدير عام الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية الدكتورة ماجدة محمد مفلح ومعاون وزير التعليم العالي الدكتورة فادية ديب وممثلين عن وزارة الزراعة والمنظمات الدولية والإقليمية ذات الصلة.