الثورة – رشا سلوم :
كثيرا ما نقرأ أحداثاً ووقائع نظن أنها وقعت دون كواليس وأسرار.. وربما تمضي عقود من الزمن حتى نصل إلى فهم ما جرى.. ننتظر حتى يكتب أحد ما مذكراته أو تنشر وثائق كانت طي التقييد..
لهذا علينا دائماً أن نجدد البحث عما يحلل ويضيء.
في الوقائع السياسية يبدو ذلك أكثر من أي اتجاه آخر..
الدكتور مهدي دخل الله يحلل ويقدم شهادة من عاش الكثير من الأحداث وكان الراصد لها… يقدمها بقراءة تحليلية معمقة.. يكشف لنا أسرار الكثير من الأحداث الكبرى.
بعضها وقع قبل ولادتنا بقليل ومازالت آثاره مستمرة.. وبعضها الآخر لم يمض عليه الكثير..
إنه عالم مغلف بالكواليس وليس علينا إلا أن نعمل على البحث والتنقيب..
كتاب (عبث السياسية… شهادات على أحداث واقعية)، تأليف: د. مهدي دخل الله.
لوحة الغلاف: الفنان العالمي بابلو بيكاسو.
تصميم الغلاف: عبد الله القصير.
في هذا الكتاب يجد القارئ بعضاً من الأحداث التي كان شاهداً عليها.
هي شهادات صغيرة لكنها تشير إلى منطق اللامنطق، وعقل اللاعقل الذي يسيطر على عالمنا، ويجعله يسير إلى المجهول…
العبث مفهوم مخفف لما يحدث أحياناً في السياسة، في كثير من الأحيان تتصف السياسة بالحماقة، وهي مفهوم أكثر سوءاً من العبث.
فإذا كان العبث يعني القيام بممارسات دون جدوى، لا فائدة منها، فالحماقة تعني القيام بممارسات فيها ضرر للآخر، وللنفس أيضاً. تلك هي التي قال عنها الشاعر المتنبي:
لكل داء دواء يُستطبُّ به
إلا الحماقةَ أعيت من يداويها
في العبث والحماقة ابتعاد عن العقل والحكمة، فالعمل بلا جدوى هو عمل ضار أيضاً؛ لأن فيه مضيعة للوقت والجهد، هو عمل يتطفل باستمرار على أبواب الحماقة راجياً إياها أن تقبله في صفوفها…
لا شك في أن كثيراً من العبث يكتنف سياسات الدول الكبرى المؤثرة في هذا العالم، الدليل هو أن “مسرح العبث” والحركة الأدبية الواسعة التي تحمل هذا الاسم قامت في أوروبا والغرب بالذات انعكاساً لسياسات عبثية تصل حد الحماقة في كثير من الأحيان.
صمويل بيكيت كان رائد مسرح العبث الذي انتشر في أوروبا. ويوجين أونيسكو أسس مسرح اللامعقول، وهذه الحركة الأدبية نتاج العبث واللامعقول، بل نتاج الحماقة التي أصابت عملية “إدارة العالم” في هذا العصر…
الكتاب وثيقة مهمة جداً يجب أن تكون على طاولة كل قارىء معني بالحياة السياسية وما تحمله.. في التفاصيل قصص وحكايا ربما كنا نظن أنها من عالم آخر لكنها حقيقة.
كتاب (عبث السياسية… شهادات على أحداث واقعية)، تأليف: د. مهدي دخل الله، يقع في 336 صفحة من القطع الكبير، صادر حديثاً عن الهيئة العامة السورية للكتاب 2021