هجرةُ الأفكار.. والمؤرّخ الذي يصطادها

الثورة – هفاف ميهوب:
إذا كان الباحثون في علوم الحضارات قد أجمعوا على أن الحضارة هي سلسلة متّصلة من الأفكار والآراء والخبرات التي تنتقل من فردٍ إلى آخر، ومن شعبٍ إلى آخر، محقّقة وفي كلّ هجرة من هجراتها العديدة والدائمة نجاحاً يمكّنها من الاستمرار والتقدّم، وصولاً إلى بلوغها ما يجعلها من أهم الحضارات القوية والمرموقة…
إذا كان الباحثون في علوم الحضارات قد أجمعوا على ذلك، فإن علماء الأنثروبولوجيا قد رأوا بأن “على مؤرّخ الحضارات أن يحاول وبدقّة تحديد اللحظة التي دخل فيها النفوذ الخارجي في الثقافة التي يدرسها، ومعدل حركته، والفترة التي بقيت فيها آثاره، بعد سحب هذا النفوذ..”.
هي مقولة لم يستحضرها الكاتب والمؤرّخ الانكليزي “جلبرت هايت” إلى كتابه “هجرة الأفكار”، إلا ليبيّن بأن “مهمة المؤرّخ وواجبه معرفة ما يتسرّب من الأفكار الغريبة إلى داخل المجتمعات، وتحديد البدع التي تعارضها، وسواء كانت طويلة أو قصيرة الأجل، أو سلبية أو عنيفة، ودراسة الأفكار التي لاقت قبولاً بسهولة، والكشف عن السبب الذي يدفع الناس لنسيان هذه البدع أو إهمالها، في الوقت الذي تتوطّد فيه بدعٌ أخرى، قُدّمت في المجتمع الذي غزته”..
يقدّم “هايت” أمثلة عديدة يشير في إحداها إلى أن ما تعلّمه الشاعر والكاتب المسرحي الانكليزي “شكسبير” من اللاتينيّة، كان أكثر مما يتعلّمه الشباب العصري في الكلّيات، وبأنه رغم ذلك، مضى في مطالعة الكلاسيكيات مترجمة، وبلغتها الأصليّة، طوال حياته..
أيضاً، بأن الشاعر والأديب الفرنسي”فيكتور هوغو” اتّجه نحو الشاعر الروماني “فرجيل” بشكلٍ جزئي، وكذلك نحو الشاعر الروماني “جونيفال”، وبأن سعي الشاعر الأمريكي “والت ويتمان” للحصول على البهجة كان بأن يركب سيارة مكشوفة، ويقرأ مؤلفات “هوميروس” بصوتٍ عالٍ.
يشير الكاتب هنا إلى أن “بعض المربّين في الولايات المتحدة بذلوا جهدهم للقضاء على تدريس اللاتينية واليونانية في المدارس والكليات، ما كان سبباً في انخفاض مستوى الأدب، وارتفاع مستوى الدجل، وانتشار الفكرة التي تقول إن النشاط الذهني وحده يمكّن الشخص من تأليف مسرحية أو كتابة قصة، وقد أدّت هذه الفكرة إلى ميل الأدب إلى التضليل والعنف، والمجلات إلى التفاهة والخلاعية”….
ببساطة التاريخ يُصنع من حركة الأفكار، وتقدّم الحضارة يتمّ عبر انتقالها، وتبادلها بطريقةٍ لا حدود أو حواجز لأفقها، ما يجعل شعوبها تعيش عصورها الحضارية بعيداً عن الهمجية التي يتمّ فيها شلّ الاتّصال وتقييد الأفكار.. أي إغلاق العقول بطريقة يستحيل أن يصطاد المؤرّخ من آفاقها الضيّقة إلا الأفكار التي تبقى تدور في ظلامٍ، لايمكن أن يصحو أبداً، أو يرى حضارة العقل والنور…
إذاً، على المؤرخ أن يصطاد الأفكار التي لا يزول أثرها، تماماً كما فعل الكاتب والمفكر الأمريكي “رالف إمرسون” الذي على كلّ مؤرّخ ألا ينسى قوله:
“لا يوجد في هذا العالم، وفي وقتٍ واحد أكثر من اثنى عشر شخصاً يقرؤون أفلاطون ويفهمونه، ولن يوجد عدد كافٍ من الأشخاص الذين يبدون استعداداً لشراء مؤلفاته، ومع ذلك فإن هذه المؤلفات تصل إلى كلّ جيلٍ، لأجل هؤلاء الأشخاص القلائل..”

آخر الأخبار
عبد الكافي كيال : صعوبات تعرقل إخماد حرائق جبل التركمان... واستنفار شامل دمشق تؤكد التزامها بإنهاء ملف الأسلحة الكيميائية.. حضور سوري لافت في لاهاي دمشق تنفي ما تداولته وسائل إعلام حول "تهديدات دبلوماسية" بحق لبنان من جديد .. محافظة دمشق تفعل لجان السكن البديل.. خطوات جديدة لتطبيق المرسوم 66 وتعويض أصحاب الحقوق رئيس مجلس مدينة كسب للثورة : البلدة  آمنة والمعبر لم يغلق إلا ساعة واحدة . إخماد حريقين في مشتى الحلو التهما  خمسة دونمات ونص من الأراضي الزراعية وزير الطوارئ :  نكسب الأرض تدريجياً في معركة إخماد الحرائق.. والغابات لم تُحسم بعد وفد من اتحاد الغرف التجارية وبورصات السلع التركي يلتقي الرئيس "الشرع" في دمشق الخضراء التي فتحت ذراعيها للسوريين.. إدلب خيار المهجرين الأول للعودة الآمنة باراك: لا تقدم في مفاوضات الحكومة السورية مع "قسد" و واشنطن تدعم دمجها سلمياً من  ألم النزوح إلى مسار التفوق العلمي..  عبد الرحمن عثمان خطّ اسمه في جامعات طب ألمانيا علما سوريا جيليك: نزع السلاح لا يقتصر على العراق.. يجب إنهاء وجود قسد  في سوريا رفع كفاءة الكوادر وتطوير الأداء الدعوي بالقنيطرة بين الصياغة والصرافة .. ازدواجية عمل محظورة وتلويح بالعقوبات نزهة الروح في ظلال الذاكرة.. السيران الدمشقي بنكهة الشاي على الحطب "تربية طرطوس": كامل الجاهزية لاستقبال امتحانات الشهادة الثانوية الغابات تحترق... والشعب يتّحد.. التفاف شعبي واسع لمواجهة حرائق الساحل وزير الطوارئ ومحافظ اللاذقية يستقبلان فرق مؤازرة من الحسكة والرقة ودير الزور سوريا تسعى لاستثمار اللحظة الراهنة وبناء شراكات استراتيجية تعكس تطلعات الشعب الاكتتاب على ١٢١ مقسماً جديداً في حسياء الصناعية