الثورة – سامر البوظة:
تتصاعد حدة الخلافات بين الولايات المتحدة الأميركية والصين على نحو مطرد نتيجة اشتعال المنافسة بين البلدين حول مجمل قضايا جلها اقتصادي وجيو سياسي، وسط جهود بكين لإثبات نفسها كقوة عالمية كبرى بعد تعاظم قوتها والتقدم الهائل الذي حققته على الساحة العالمية، وضغوط واشنطن عليها المستمرة لعرقلتها عن تحقيق ما تصبو إليه وتقويض نجاحاتها، في وقت تزداد المخاوف من نشوب حرب باردة جديدة بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم، ستكون أخطر من سابقتها ولا يمكن التنبؤ بعواقبها.
فمقابل التفوق الهائل للمارد الصيني كان هناك تقهقر وتراجع واضح للولايات المتحدة, لذلك ترغب الأخيرة في استعادة مكانتها كأكبر قوة عسكرية واقتصادية في العالم, ما دفع بها إلى تجريب كل السبل والوسائل لتحقيق ذلك, فلم تترك وسيلة أو ذريعة إلا واستخدمتها من أجل الضغط على الصين لكبح تفوقها وإخضاعها لهيمنتها, وذلك من خلال الاستفزازات المتكررة لبكين ومحاولاتها المستمرة للتدخل في شؤونها الداخلية, وهو ما برز بشكل واضح وجلي عبر عدة قضايا منها تسييس جائحة كوفيد-19 , وقواعد التجارة والمنافسة، ناهيك عن الاستفزازات المتكررة وتوتير الأجواء في بحر الصين الجنوبي، وبما يخص قضية “تايوان”.
والأمور لم تتوقف عند هذا الحد, بل واصلت واشنطن نهجها العدائي وتحشيدها الاستفزازي ضد الصين مستخدمة هذه المرة منصة “الرياضة” لتحقيق بعض المكاسب والأهداف السياسية, عبر إعلانها لمقاطعة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية المقرر إقامتها في بكين شهر شباط القادم, تحت ذرائع وحجج “إنسانية” كاذبة, كعادتها, وذلك من أجل تشويه سمعة الصين وإفشال هذا الحدث العالمي الذي ينتظره الملايين في جميع أنحاء العالم من رياضيين أولمبيين وعشاق لرياضات الجليد والثلج, في حين انضمت كل من المملكة المتحدة وكندا وأستراليا لاحقا إلى المقاطعة لتكمل مع الولايات المتحدة حلقة التآمر والعداء ضد الصين من أجل زيادة الضغط عليها وابتزازها.
الصين من جهتها, وعلى خلفية تلك الاستفزازات, طالبت الولايات المتحدة بالتوقف عن محاولاتها تسييس الرياضة والتراجع عن التصعيد فيما يخص “المقاطعة الدبلوماسية” لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين, وإلا فإن الأخيرة ستتخذ تدابير مضادة, مؤكدة أن “الأولمبياد” ليست مسرحا للاصطناع والتلاعب السياسي, وإن تصعيد السياسيين الأمريكيين المستمر لـ “المقاطعة السياسية” على الرغم من عدم دعوتهم لحضور دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين ينتهك الميثاق الأولمبي ويسيء للشعب الصيني ويعد استفزازا سياسيا خالصا, محذرة بريطانيا والولايات المتحدة واستراليا من دفع ثمن باهظ جراء قرارهم عدم المشاركة في الأولمبياد, منددة في نفس الوقت بتسييس “الرياضة”.
وقال المتحدث باسم البعثة الصينية لدى الأمم المتحدة في بيان: أن قرار الولايات المتحدة بشأن “المقاطعة الدبلوماسية” لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين “مسيس”, ويعكس عقلية الحرب الباردة التي تعتمدها واشنطن ورغبتها في تسييس الرياضة وخلق انقسامات وإثارة مواجهة.
هي مهزلة سياسية جديدة ترتكبها الولايات المتحدة عندما تصر على إقحام الرياضة في لعبتها السياسية القذرة, وهي بذلك تفضح كذبها ونفاقها مجددا وتكشف عن نواياها الحقيقية في مهاجمة وتشويه سمعة الصين, لإيجاد ذريعة للتدخل في شؤونها الداخلية تحت ستار ” حقوق الإنسان”, إلا أن الصين لم تكترث لكل تلك الضغوط, وهي ماضية في طريقها, وكما أوضحت فإن هذا النهج لن يجد من يدعمه ومحكوم بالفشل, ودورة الألعاب الشتوية ستقام في موعدها, ونجاحها لا يعتمد على حضور حفنة من مسؤولي بعض الدول.
التالي