على الملأ – بقلم مدير التحرير – معد عيسى
الثورة :
لم يبق لدى الحكومة أي مبررات لرفع أسعار المشتقات النفطية بعد أن لامست العالمية، وحتى التبرير بالعقوبات والحصار والتمويل لم يعد مبرراً بعد أن استحضرته في كل المرات السابقة وحملته على كل الزيادات واتكأت عليه في تبرير رفع الأسعار، بل على العكس فقد أصبحت الحكومة مطالبة اليوم بتوفير المشتقات بعد أن اقتربت من سعر التكلفة، ولا يهم المواطن معادلة تأمين الدولار.
الحكومة ذهبت الى آخر الممكن في قراراتها ولم يعد متاحاً أمامها التبرير، وباتت اليوم على محك التنفيذ والإيفاء بوعودها التي ربطتها برفع الأسعار بعد أن بررت كل الزيادات بها.
ما ذهبت إليه الحكومة برفع أسعار كافة المشتقات بالمنطق الاقتصادي صحيح ولكن بشرط انعكاسه على توفر المشتقات وضبط أسعار المنتجات، فحجة التجار وكل قطاع الخدمات لرفع الأسعار كانت قبل رفع سعر المازوت مؤخراً أنهم يشترون المازوت بسعر يتراوح بين أربعة وخمسة آلاف ليرة للتر، ولكن بعد رفع سعر المازوت الصناعي وتوفيره للقطاع الصناعي بنسبة كبيرة لم تنخفض أسعار المنتجات وفشلت الحكومة بكل أجهزتها الرقابية وغير الرقابية في تخفيض الأسعار التي كان يُسعرها التجار والصناعيون على أساس أنهم يشترون المازوت بأكثر من أربعة آلاف ليرة للتر.
نجحت الحكومة في رفع أسعار الخدمات والمشتقات النفطية والكهرباء والخدمات الأخرى، وفعل مثلها أو تفوّق عليها التجار برفع كافة أسعار السلع والمنتجات والخدمات في تآلف وتحالف بالشكل بين الطرفين ضد المواطن الذي فقد كل أدواته في المواجهة.
لدى الحكومة مُعطياتها ولا يستطيع أحد لومها فيما لو كانت بنفس الجدية مع التاجر والصناعي ومُقدم الخدمات، وربما ستربح في قادم الأيام رهاناً عملت عليه تنفيذاً للوصول إلى مقاربة أسعارنا بالأسعار العالمية ولكن بات عليها أن تبدأ بمقاربة دخل المواطن والموظف والعامل بالدخل العالمي.
لا أحد يُنكر حق الدولة في زيادة أسعار المواد المستوردة لسد العجز ولكن عندما ترفع أسعار الخدمات فعليها أن تتريث وتفكر ألف مرة وتتأكد من نوعية الخدمات التي تقدمها، فهل الوقت مناسب لرفع فاتورة المياه مثلاً في ظل شح المياه والسوء الكبير في خدمات إيصالها للناس؟ وهل انعكس رفع سعر خدمات الهاتف والخلوي على الخدمة؟ لا يستطيع أحد اليوم إكمال اتصاله بأقل من ثلاث مكالمات لانقطاع الشبكة فجأة وغيابها عن مناطق وضعفها في أخرى فكيف تبرر الحكومة رفع سعر المكالمات والخدمات بالتزامن مع تراجعها وغيابها ومضاعفة تكلفتها؟
من يقرأ في القرارات الحكومية يرى سباقاً بين الوزارات لرفع الأسعار ويقرأ غياباً وضياعاً للتنسيق بين أعضائها وكأنهم في فرقة كل واحد منهم يعزف بطبقة مختلفة عن غيره ولا يوجد مايستروا لإدارة الفرقة.