الملحق الثقافي:سعاد زاهر:
هل لايزال بإمكان أدب الحرب التحدث عن خنادق القتال، وأمكنة الحرب، وأصوات الرصاص…
وهل لايزال بإمكاننا أن نستمتع بروايات كتبت في زمن قتالي مختلف كما فعل الروائي السوري حنا مينا في روايته المرصد الذي كان يقصد فيها مرصد «جبل الشيخ» أو في روايات المصري جمال الغيطاني، حين كتب عن حرب تشرين التحريرية «الحصار من ثلاث جهات، الرفاعي»…
دون أن ننسى الروائي نجيب محفوظ حين اعتبر أن حرب تشرين جعلتنا نتجاوز نكسة حزيران، فكتب يقول: «ردت الروح بعد معاناة طعم الموت ست سنوات» وقد لجأ إلى كتابة المقالات القصيرة المتتابعة تحت عنوان دروس أكتوبر…
لسنا بوارد رصد كل الآثار الأدبية التي خلقتها حرب تشرين أو غيرها من الحروب العربية المؤلمة، والتي خلفت دماراً على منطقتنا من كل النواحي…
ولكن كيف يتأثر الأديب بتلك الحروب ويصدرها تاريخاً وتوثيقاً إبداعياً، يمكننا حين نعود إلى تلك الأعمال يمكنها أن تعطينا دروساً حتى نستفيد من التاريخ، وقد تعيننا على النهوض من حروب مشابهة عشناها، ولكن بشكل وأدوات مختلفة…
فالحروب خلال السنوات الأخيرة..لم نسمع فيها عن خنادق محددة للقتال، أو قنابل يدوية ومدافع … للهجوم على المحتل….
كل ما كان على العدو هذه المرة، أن يحرض، ويخطط ويترك لوسائل حديثة بمساندة تكنولوجية هادئة.. أن تنشر أفكارها…وبمساندة مالية ..ما على أبناء البلد سوى أن يحولوا كل ساحات بلدهم إلى مواقع قتال…
وبالتأكيد سينقسم الأدب وسيعانده الحظ الأدبي..وقد يمضي وقتاً تتوه فيه أفكار الأديب قبل أن تتلاقى مع قيمه وانتماءه لبلده الذي لا يقدر بثمن….ويعود ليؤرخ لحظات قيمتها لا تأتي من قيمتها الإبداعية فقط، بل نحن الذين عايشنا تلك الحرب، كيف تمكنا من النجاة، علنا نتمكن يوماً من تقدير كل تلك التضحيات التي مهما أتقن الأدب صياغتها، لن ترتاح تلك الأرواح التي رفعت فداء لوطنها…إن لم نحقق هدفها ونصل لمستوى شجاعتها.
التاريخ: الثلاثاء14-12-2021
رقم العدد :1076