الثورة- منهل إبراهيم:
تحظى سياسة اليد الممدودة لسوريا باهتمام كبير وبالغ في الأوساط الإعلامية والسياسية، فهي مؤشر على حرص القيادة السورية على مصالح شعبها وتقوية الروابط والعلاقات الدولية من أجل فك العزلة الدولية عن سوريا والتي غرقت بها إبان حكم النظام المخلوع.
وفي هذا الإطار أكدت صحيفة “أوبزيرفر” أن سوريا تعمل على تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة بعد الكلمات “الدافئة” من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للرئيس السوري أحمد الشرع.
وأضافت الصحيفة في تقرير لها أن الرئيس السوري، صافح الرئيس الأمريكي، ووصف ترامب لاحقاً الرئيس الشرع، البالغ من العمر 42 عاماً، بأنه “شاب جذاب ولديه فرصة حقيقية للنجاح”.
وتابعت الصحيفة: “وقد حمل قرار ترامب المفاجئ بلقاء الرئيس الشرع في الرياض خلال رحلته إلى الشرق الأوسط أكثر من مجرد رمزية من الوزن الثقيل، حيث قال الرئيس الأمريكي لمجموعة من قادة الخليج: “سنرفع جميع العقوبات عن سوريا لنمنحهم فرصة لبداية جديدة”، وأضاف إن عقوداً من العقوبات الأمريكية “كانت معرقلة للغاية، وقوية جدا”.
وأضافت “أوبزيرفر: ” إن “العقوبات عزلت السوريين عن بقية أنحاء العالم، وقد دفع خبر إلغائها الناس إلى الخروج إلى الشوارع في جميع أنحاء البلاد للاحتفال، وتجمعت حشود غفيرة في ساحات دمشق وحمص وإدلب، ولوح الكثيرون منهم بالأعلام السعودية الخضراء إلى جانب الأعلام السورية”.
وبينت الصحيفة أنه “ولسنوات، عجز السوريون الذين كانوا يعيشون في ظل الحكم الديكتاتوري لبشار الأسد، عن الاتصال بالنظام المصرفي الدولي أو حتى بمقدمي خدمات البريد الإلكتروني الأمريكيين وذلك بسبب العقوبات التي تستهدف الرئيس المخلوع وحكومته”.
وأوضحت أوبزيرفر أنه وفي كثير من الأحيان، تم إخفاء السلع المستوردة لتجنب الشكوك، وتحدث الناس بخوف عن الدولار بطريقة مشفرة، مستخدمين مصطلحات مثل “حفنة بقدونس” أو “نعناع”، لمناقشة أسعار السوق السوداء.
ترامب قلب الطاولة
وقالت الصحيفة “وقد قلب إعلان ترامب الطاولة على سنوات من السياسة الأمريكية، التي حافظت على مجموعة واسعة من العقوبات التي تهدف إلى استهداف عائلة الأسد المخلوع وداعميهم لفترة طويلة بعد فرار العديد منهم إلى موسكو في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، حيث قاد الرئيس الشرع عملية عسكرية سريعة أطاحت بالنظام المخلوع، ولم يقترح الرئيس الأمريكي التنازل عن بعض العقوبات فحسب، بل رفعها بالكامل، متجاوزا بكثير ما كان يأمله الداعون لرفعها”.
وقال مسؤول حكومي أمريكي طلب عدم الكشف عن هويته: “فوجئ الجميع بما أعلنه الرئيس ترامب، لقد فاق التوقعات بكثير. لقد استقر على موقف مشدد للغاية لرفع العقوبات بشكل كامل”.
وتابعت أوبزيرفر ” وتماشيا مع نهجه في السياسة الخارجية، قلب ترامب عقودا من التقاليد الدبلوماسية بكلماته، رغم أن تنفيذ مطالبه لا يزال مفتوحا للتأويل، وبينما كان الرئيس الأمريكي يجول في الشرق الأوسط، ظل الكثيرون في واشنطن غير متأكدين مما قد يحدث لاحقا، وبعد سقوط الأسد طلب موظفو وزارة الخارجية الأمريكية، وعلى حال السرعة، من مسؤولي الخزانة الأمريكية وضع خطط لمنع الاقتصاد السوري من الانهيار والحفاظ على استقرار البنك المركزي إلا أن خططهم ظلت متوقفة بسبب العقوبات”.
وأشار ت الصحيفة إلى أن ديلاني سايمون من مجموعة الأزمات الدولية وصفت قرار ترامب بأنه “خطوة ضخمة” و”شيء غير مسبوق تقريباً في التاريخ الحديث لتخفيف العقوبات”، ومع ذلك، حذرت من أن رفع العقوبات عملية معقدة بطبيعتها، وتتطلب مدخلات من وكالات حكومية متعددة بالإضافة إلى الكونغرس.
الحاجة لإلغاء “قيصر”
ويشير مؤيدون مثل المنظمة السورية للطوارئ إلى قانون قيصر، الذي وقعه ترامب في عام 2019 وفرض عقوبات على نظام الأسد المخلوع لارتكابه جرائم حرب ضد شعبه، باعتباره يعيق الآن إعادة إعمار سوريا، وهناك حاجة إلى تصويت الكونغرس بسرعة لإلغائه.
وقال معاذ مصطفى، المدير التنفيذي للمنظمة السورية للطوارئ: “يجب الدفاع عن سياسة الرئيس من المنتقدين داخل إدارته”، ولتحقيق هذا، تم تسهيل عمل ترامب والتحضير لما أسمته “قرار تنفيذي محتمل”.
ويحتوي الأمر المحتمل واطلعت عليه “أوبزيرفر” على بنود تفضي لتحسين العلاقات سريعاً مع الإدارة السورية الجديدة، من خلال رفع التجميد عن ممتلكات الحكومة السورية وإزالة العوائق أمام ممارسة الأعمال التجارية.
ومن بين بنوده أيضا إصدار ترخيص عام يقنن جميع المعاملات المحظورة سابقا والتي تشمل أمريكيين أو النظام المالي الأمريكي، مما يسمح “باستيراد وتصدير السلع والخدمات والتكنولوجيا والاستثمارات في قطاعات الطاقة والبنية التحتية والبناء في سوريا”.
وبحسب صحيفة أوبزيرفر يعتقد مصطفى أن الأمر التنفيذي المحتمل يمثل فرصة لالتقاط الصور التذكارية التي يستمتع بها ترامب، وقال: “إنها واحدة من الوثائق التي يحب ترامب توقيعها، وبذلك، يتجاوز أولئك الذين قد يرغبون في إبطاء رفع العقوبات”.