الثورة – لينا شلهوب:
مع اقتراب انطلاق العام الدراسي الجديد، أصدرت وزارة التربية والتعليم، تعميماً يحدد شروط القبول وتعليماته في مدارس المتفوقين للعام الدراسي 2025 – 2026، في خطوة طالما انتظرها عدد كبير من الأسر الطامحة إلى مستقبل أفضل لأبنائها، والأهم لتعيد هذه المدارس تسليط الضوء على دورها كأحد أبرز مشاريع التعليم النوعي في البلاد. كما أن صدور هذا التعميم أثار تفاعلاً واسعاً بين الأهالي والطلاب والمختصين، الذين تراوحت آراؤهم بين الحماسة والقلق، فيما اعتبره خبراء خطوة أساسية للنهوض بالعملية التعليمية.
بين الطموح والقلق
الأهالي استقبلوا التعميم بمزيج من الفرح والتوجّس، إذ يقول أبو أحمد العابد والد طالب في الصف السادس: أعتبر أن التسجيل في مدارس المتفوقين فرصة لا تعوّض، مضيفاً: ابني متميز في مادة الرياضيات، وهذه البيئة قد تتيح له ما لا يمكن للمدارس التقليدية أن توفّره.
لكن السيدة أم جود بركات تنظر إلى الأمر من زاوية أخرى، تقول: نخشى من الضغط النفسي الكبير على الأطفال، فالامتحانات في مدارس المتفوقين صعبة، وقد تتحول الرغبة في التعلم إلى عبء إذا لم تُدار العملية التربوية بحكمة.
أبو زين مرشد يرى أن مدارس التفوق تعد حلماً يراود الأسر السورية، إذ لطالما ارتبطت مدارس المتفوقين في الوعي المجتمعي السوري بكونها بوابة نحو مستقبل علمي واعد، فهي مدارس تقدم برامج دراسية مكثفة، تركّز على تنمية مهارات التفكير النقدي والابتكار، وتتيح للطلاب فرصاً لاحقة في التميز الجامعي.
من هنا نرى أن الأهالي ينظرون إلى هذه المدارس كنافذة أمل، خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وتحديات العملية التعليمية.
حماسة ممزوجة بالرهبة
من جانبهم، ينظر الطلاب إلى القرار بعين مختلفة، إذ يعبر البعض عن حماستهم، فيما يظهر آخرون قلقهم من صعوبة الاختبارات، إلا أنهم عبّروا عن تطلعاتهم وأحلامهم، لكنهم لم يخفوا مخاوفهم من صعوبة المنافسة،
لين العوام، طالبة في الصف التاسع، تقول: أتمنى أن أكون من المقبولين هذا العام، الامتحان على ما يبدو صعب، لكنني مستعدة لبذل أقصى جهدي، لعلي أحظى بمقعد في مدارس المتفوقين.
أما سامر كريدي، طالب في الصف الثامن، فيرى أن المسألة تحتاج إلى توازن، إذ عبّر عن ذلك من خلال حديثه عن ضرورة خلق وإيجاد بيئة مشجّعة على الإبداع، لافتاً إلى أنهم كطلاب يخشون من أن يكون الضغط الأكاديمي أكبر من قدرتهم على التحمل.
خطوة مهمة تحتاج دعماً
الخبير التربوي مازن أبو فخر، يصف القرار بأنه خطوة ضرورية للنهوض بالتعليم، مبيناً أن هذه المدارس تتيح بيئة تعليمية خاصة تنمّي التفكير النقدي والإبداع، لكن من الضروري أيضاً توفير دعم نفسي واجتماعي للطلاب، حتى لا يتحوّل التفوق إلى عبء.
أما الباحث في علم الاجتماع التربوي أحمد السالم فيشدد على مسألة العدالة، إذ يشير إلى أنه ينبغي أن تبقى هذه الاختبارات معياراً وحيداً للقبول، بعيداً عن أي اعتبارات أخرى، كما يجب ضمان انتشار هذه المدارس في جميع المحافظات لتكافؤ الفرص بين الطلاب.
رؤية مستقبلية
يرى مراقبون أن نجاح التجربة مرهون بقدرة وزارة التربية على تطوير البنية التحتية، وتأهيل المعلمين، وإيجاد آليات متابعة للطلاب بعد القبول، كما أن إشراك الأسرة والمجتمع في دعم الطلاب سيكون عاملاً أساسياً في تخفيف الضغوط وضمان استمرارية التميز.
فيما يرى آخرون أن هذه الخطوة يمكن أن تكون مقدمة لإصلاح أوسع في التعليم، عبر تعزيز الاهتمام بالمواهب والقدرات الخاصة منذ المراحل المبكرة، لكنهم يشددون على أن نجاح التجربة يتطلب تكامل الجهود بين وزارة التربية والأهالي والطلاب، إضافة إلى تحديث البنية التحتية وتوفير موارد إضافية.
وفي المحصلة، تبقى مدارس المتفوقين مشروعاً وطنياً طموحاً، يحمل في طياته آمالاً كبيرة لجيل جديد قادر على مواجهة تحديات المستقبل، وبينما يترقّب الأهالي والطلاب فترة البدء بالامتحان، ومن ثم نتائج القبول، تتجه الأنظارإلى مدى قدرة الوزارة على تحويل هذه المدارس إلى منصات حقيقية لصناعة التفوق والإبداع، كذلك يتطلب إدارة حكيمة لتجاوز التحديات وضمان أن يكون التفوق فرصة متاحة للجميع.
شروط التسجيل
بحسب التعميم الصادر عن الوزارة، فإن التسجيل يشمل صفوف السابع والثامن والتاسع من التعليم الأساسي والشرعي، إضافة إلى مرحلة التعليم الثانوي، ويبدأ التسجيل اليوم الخميس 21 آب 2025 ويستمر حتى الخميس القادم 28 منه، وذلك في دوائر البحوث التابعة لمديريات التربية، كما يشترط على المتقدمين إحضار الجلاء المدرسي، وصورة شخصية حديثة أثناء التسجيل، فيما سيجري الاختبار الكتابي يوم الثلاثاء 2 أيلول 2025، والذي يتألف من 100 سؤال متعدد الخيارات، بمدة زمنية تصل إلى ساعتين، بعد ذلك سيكون هناك اختبار شفوي في اليوم ذاته، يمتد لساعتين أيضاً، وبذلك يبدأ الدوام الرسمي في مدارس المتفوقين بالتزامن مع بداية العام الدراسي في المدارس العامة.