الثورة- منذر سعيد
تأكيد المصدر الحكومي بالأمس أن المساعدات الإنسانية لن تمرّعبر أي ممر حدودي مستقل، وأن تقديمها سيتم حصراً من خلال التنسيق المباشر مع مؤسسات الدولة في دمشق، يعكس إصرارالدولة السورية على سيادة القرار الإنساني والإداري ضمن حدودها، ورفضها القاطع لأي مسارات بديلة قد تؤدي إلى فرض وقائع جديدة على الأرض، سواء عبر تكريس نفوذ خارجي أو الدفع باتجاه تقسيم غير معلن، ومن هنا، ينظر إلى الملف الإنساني باعتباره جزءاً من معركة الدفاع عن السيادة، وليس مجرد قضية إغاثية بحتة.
من نافلة القول :إن الاستجابة الإنسانية لا يمكن أن تُنفذ بمعزل عن الدولة صاحبة الأرض، إذ إن التنسيق مع مؤسساتها الرسمية هو الضمانة الوحيدة لتحقيق نزاهة العمليات الإغاثية بعيداً عن التسييس والانحياز، وأي تجاوزلهذه القاعدة فإنما يكون بمثابة مدخل لتقويض وحدة الأراضي السورية، عبر خلق مسارات بديلة قد تُستثمر لتحقيق أهداف سياسية تتجاوز البعد الإنساني.
من المؤكد أن المساعدات العابرة للحدود من دون تنسيق مع الدولة تحمل مخاطر جدية، لجهة تشجع الفوضى، وإضعاف دور المؤسسات الوطنية، ما يهدد البنية السيادية للدولة على المدى الطويل، وعليه فان دمشق لا تنظر إلى المسألة على أنها خلاف إجرائي حول آليات التوزيع، بل كجزء من صراع أوسع حول وحدة الأراضي والقرار الوطني المستقل.
كلام المصدر رسالة واضحة أن الدولة السورية موجودة، وشريكة في الأمن الإقليمي وقادرة على إدارة ملفاتها الإنسانية والسيادية، وأن مؤسسات الدولة ما زالت قائمة وتمارس دورها رغم سنوات الحرب والأزمات؛ وأي محاولة لتجاوزها أو الالتفاف عليها سيكون لها انعكاسات تتجاوزالداخل السوري.
إن إصراردمشق على مركزية دورها في إدارة الملف الإنساني يعكس توازنا حساساً بين البعد الإغاثي والبعد السيادي، فهي تسعى لتأكيد حقّها في السيطرة على عمليات المساعدات باعتبارها جزءاً من سيادتها الوطنية، وفي الوقت نفسه تحذر من مخاطر تحويل الممرات الإنسانية إلى أدوات سياسية قد تعيد إنتاج سيناريوهات التقسيم والفوضى.