الثورة – همسة زغيب:
أوضح الباحث العلمي والمحاضر الجامعي والأكاديمي الدكتور المهندس صفوان أمجد الحلبي، لـصحيفة الثورة، أن سوريا شهدت خلال العقود الأخيرة تغيرات مناخية واضحة أثرت بشكل مباشر على الموارد الطبيعية، وخصوصاً مصادر المياه والزراعة، والتغيرات لم تعد مجرد ظواهر موسمية بل باتت مترافقة مع موجات جفاف حادة، وارتفاع متزايد في درجات الحرارة، مع تراجع في نسب الهطل المطري، مما نتج عنه آثارا بيئية، اقتصادية واجتماعية ملموسة ومنها:ارتفاع درجات الحرارة، وتشير البيانات المناخية إلى أن سوريا شهدت ارتفاعاً في المتوسط السنوي لدرجة الحرارة بما يقارب 1,5 إلى 2 درجة مئوية مقارنة بمعدلات القرن الماضي، وزاد الارتفاع من معدلات التبخر، وأثّر على التربة والمحاصيل الزراعية.
كما أكّد أنَّ معدلات الهطل المطري تراجعت في معظم مناطق البلاد بنسب تتراوح بين 15 بالمئة إلى 25 بالمئة، وازدادت الفترات الجافة، خاصة في المناطق الشرقية والشمالية الشرقية التي تعتمد بشكل أساسي على الأمطار للزراعة. وبالنسبة للجفاف فأصبح ظاهرة مستمرة، وأدى إلى تصحّر مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، وخسارة الغطاء النباتي، وتراجع الإنتاج الزراعي، مما دفع الكثير من السكان إلى الهجرة من الريف إلى المدينة.وبيّن الدكتور الحلبي أنّ مستويات مياه الأنهار تراجعت مثل نهر الفرات والعاصي نتيجة انخفاض الهطل من جهة، وزيادة السحب المائي بالإضافة إلى التأثيرات الإقليمية.
كما انخفض منسوب المياه الجوفية نتيجة الحفر العشوائي والاستهلاك الكبير في الري والزراعة. ومن أهم الآثار الاقتصادية والاجتماعية التي أدت التغيرات المناخية:انخفاض الإنتاج الزراعي، وارتفاع تكاليف الإنتاج وندرة المياه، زيادة معدل الفقر في المناطق الريفية، انتقال السكان من الريف إلى المدن، ما أدى إلى ضغط إضافي على الخدمات في المدن.ونوه إلى الحاجة لحلول عاجلة لمواجهة هذه التحديات، أصبح لزاماً على الجهات المعنية في سوريا، وضرورة العمل على تطوير تقنيات الري الحديث “الري بالتنقيط، الري بالرش”، وتشجيع استخدام الطاقة الشمسية في ضخ المياه، والتوسع في زراعة أصناف مقاومة للجفاف، وإعادة النظر في سياسات إدارة المياه، وتعزيز الوعي البيئي لدى المزارعين والمواطنين.
وختم م. الحلبي حديثه: إنَّ وضع المناخ في سوريا يفرض تحديّات كبيرة على التنمية المستدامة والأمن الغذائي والمائي، والعمل على التكيف مع هذه التغيرات وتحسين إدارة الموارد الطبيعية أصبح ضرورة وطنية عاجلة، إن التخطيط السليم، المدعوم بالبحث العلمي والتكنولوجيا الحديثة، هو السبيل لتقليل الأضرار وبناء مستقبل أكثر استقراراً واستدامة لسوريا.