الثورة – حلب – فؤاد العجيلي :
ليس غريباً عن حلب أن تكون سيدة في الاقتصاد والثقافة وترسل للعالم رسالة مفادها ” حلب قصدنا وأنت السبيل ” ، ومن حسن الطالع أنها وهي تتهيأ للاحتفال بالذكرى الخامسة لتحريرها قررت منظمة اليونسكو إدراج القدود الحلبية في مجال الثراث الفني الإنساني ، ضمن التراث الثقافي اللامادي ، وبموازاة ذلك كانت فعاليات معرض منتجين 2 تنطلق من رحاب خان الشونة .
• تعاف اقتصادي
محافظ حلب حسين دياب أكد أن إقامة المعرض في هذا المكان التاريخي والسياحي ، يعتبر واحداً من المؤشرات الهامة والكثيرة ، التي تعكس واقع مدينة حلب الحالي ، بعد أن شهدت الكثير من الدمار والحصار ، نتيجة الأعمال الإرهابية والتي استهدفت بشكل خاص المدينة القديمة بكل ما تحتضنه من إرث تاريخي وحضاري ، لافتاً إلى تزامن المعرض مع الذكرى الخامسة لتطهير مدينة حلب من رجس الإرهاب ، وقد بدأت تستعيد عافيتها ونشاطها التجاري والاقتصادي والثقافي ومكانتها التاريخية .
• ومكانة ثقافية
من جانبه مدير الثقافة جابر الساجور أوضح أن قرار منظمة اليونسكو إدراج القدود الحلبية على لائحة التراث الإنساني إنما هو تأكيد على المكانة الثقافية التي تمتاز بها هذه المدينة الموغلة في القدم ، ومن يقرأ الأحداث التي مرت بها البلاد نتيجة الحرب الكونية التي شنت عليها يدرك قوة ومتانة الثقافة السورية التي بقيت صامدة خلال سنوات الحرب وذلك بفضل الدعم الذي حظيت به من القيادة ، فظلت المنابر الثقافية رغم الدمار الذي طال مقراتها ، ظلت صامدة تنبض بالحياة فكراً وأدباً وثقافة .
• إرث موسيقي
بدوره الباحث محمد قجة ” الرئيس الأسبق لجمعية العاديات ” أشار إلى أن قرار اليونسكو هذا يشكل مكسبا شرفيا لمدينة حلب وللتراث الفني السوري والعربي ، لأن تاريخ حلب شاهد على ذلك فقد جاءها أبو الفرج الأصفهاني ليقدم كتابه ” الأغاني ” إلى سيف الدولة ، واستقطبت في العصرين الأيوبي والمملوكي كثيرا من الأندلسيين بعد سقوط مدنهم بيد الإسبان ، وحملوا معهم مئات الموشحات التي طور ألحانها الحلبيون ، وأبرزهم الشاعر الأندلسي ابن جابر ، وكان لا بد لهذا التمازج أن يتطور إلى ظهور الموشح الحلبي ، ثم القدود الحلبية ، والمواويل ، والفصول ، وأشهرها ” فصل اسق العطاش ” ، والأناشيد الدينية في الزوايا الصوفية المنتشرة في حلب، وأبرزها الزاوية الهلالية في حي الجلّوم ، التي تخرج منها كبار المطربين والمنشدين خلال 400 سنة ، ومن أبرز الذين انطلقوا من هذه الزاوية : أبو الوفا الرفاعي ، مصطفى البشنك ، محمد الوراق ، علي الدرويش ، عمر البطش ، بكري كردي ، نجيب خياطة ، حسن الحفار ، بهجت حسان ، محمد خيري ، صباح فخري … وكثيرون سواهم .
وأضاف الباحث قحة أنه في عام 2006 خلال احتفالية حلب عاصمة للثقافة الإسلامية نظمنا ندوة لمدة ثلاثة أيام عن التراث الثقافي غير المادي في حلب، وذلك في ثلاثين بحثا ، منها سبعة بحوث متنوعة في الشأن الموسيقي .
• حفظ التراث
بدورهما محمد وأحمد حداد مؤسسي فرقة بيت الفنون للتراث أوضحا أنه بدعم من وزارة الثقافة الدائم للتراث وبدعم مديرية المسارح والموسيقا التي كان همها الوحيد الحفاظ على التراث اللامادي من قدود وموشحات فكان لفرقة بيت الفنون للتراث حظ من حفظ التراث ونشره على كافة الأراضي السورية أثناء الحرب السوداء ، وكان للفرقة عدة مشاركات دولية والمشاركة بأسابيع ثقافية ومهرجانات دولية ، إضافة إلى أن الفرقة كانت حريصة على حفظ التراث من موشحات وقدود وأدوار .
وأضاف الأخوان حداد إلى أن حلب وبحكم وقوعها على طريق الحرير فقد كان التجار يأتون إليها من كافة دول العالم ، ويجلسون في فترة السهرة بالخانات ويجتمعون من كل ألوان الغناء ، كما كان الحلبيون أصحاب فطنة وأصحاب أذن موسيقية ومحبين للسهر فكانوا يسمعون الأغنية ويأتون بقد الكلام على نفس اللحن ، لذلك سميت بالقدود ، أي إنهم يقومون باستبدال الكلام فقط وحفظ اللحن على نفسه .
تصوير : حالد صابوني