ليس بالخبزوحده يحيا الإنسان، مقولة طالما رددناها وسمعناها، وكانت قولاً فصلاً في الكثير من النقاش، ولكن هل هي الآن صحيحة، ويمكن أن نعيد ترديدها على المسامع ؟
بالتأكيد: لا، لقد سقطت المقولة إلى غير رجعة، وعادت مقولة: الفقر في الوطن غربة، ولو كان الفقر رجلاً لقتلته بسيفي هذا، يضاف إلى ذلك صرخة مظفر النواب: لا تلم الكافر في هذا الزمن الكافر، فالجوع أبو الكفار .
وربما يكون السؤال الأكثر إلحاحاً: من هم الأكثر فقراً في هذا الوطن المسمى عربياً، والممتد من الماء إلى الماء، أليسوا الكتاب والشعراء والمبدعون، من يعملون في الحرف والتنوير والكلمة التي يجب أن تكون في المقام الأول بكل شيء.
اليوم وقد تحول وتغير كل شيء، كيف يمكن لنا في عصر الفضاء الخلبي، والكلمة التي تمضي إلى قاع بلا قرار، ولاقيمة لها أبداً، تلقى على قارعة التداول الذي لا معنى له، لا تقدم رغيف خبز أبداً، وفي الجعبة سؤال آخر: من الكتاب العرب يعيش من ريع كتبه ومؤلفاته؟.
ربما يقول البعض: نزار قباني، وأحلام مستغانمي، وربما نجيب محفوظ، مع أنهم كانوا موظفين في دوائر الدولة: نزارقباني في الخارجية السورية، ونجيب محفوظ بمؤسسة تعنى بالشؤون الاجتماعية، ومستغانمي مذيعة في الجزائر.
وربما كان نزار قباني أكثر جرأة عندما صرخ بوجه من استباح الإبداع: أفي عصر زيت الكاز يعرى شاعر….؟.
في هذه اللحظة الفارقة التي لايمكن أن نقفز على واقع فقر الأدباء والإعلاميين والمفكرين، بل يجب علينا أن نصرخ بقوة: الثقافة جدار الصد الأول، الإعلام صناعة فكر وثقافة وعلم العلوم، أكثر أدوات الحرب فتكاً ..كيف نهمل جناحي النهوض بهما، ألا وهو توفير الإمكانات المادية التي يجب أن نعرف كيف نستثمرها لنصل إلى تحصين ثقافتنا، نصل بمجتمعنا إلى بر الأمان، ما نصرفه على الثقافة والتنوير سيكون حصاداً حقيقياً، ننتظر القادم الذي نأمل أن يكون قادراً على زرع الأمل.
معاً على الطريق-ديب علي حسن