الثورة – معد عيسى:
تستمر الحكومة بطهي طبخات البحص لتطعمها للمواطن، فما ذهبت إليه في أقل من عام ليس له تصنيف، فعندما تذهب الحكومة لرفع سعر مادة مستوردة فيمكن أن يتفهم المواطن ذلك، ولكن لا أحد يستطيع فهم رفع أسعار ورسوم الخدمات على مواطن أصبح عاجزاً عن تأمين الخبز، على سبيل المثال هل نقابة المهندسين بحاجة إلى أموال كي تدرس الجهات المعنية رفع رسوم رخصة البناء؟.. هل من واجب المواطن دفع تكلفة تأهيل المرافق العامة حتى تفكر الجهات المعنية بفرض رسوم جديدة ليس لها مثيل في القواميس كأن تفرض رسوماً على كل نقلة بحص أو أي مواد بناء يحضرها من يبني بيتاً! … لقد أصبحت رخصة البناء تكلف أكثر من تكلفة بناء بيت قبل سنوات.
نامت الجهات المعنية عشرين عاماً واستفاقت لتعوض غيابها في عام واحد على حساب مواطن أنهكته عشر سنوات من الحرب، هل يعقل أن تتم معالجة ملف الدعم بسنة واحدة؟.. لا توجد دولة في العالم ترفع الأسعار عشرات الأضعاف بعام واحد، وحتى في الحروب تكون هناك استراتيجيات لتمكين المواطن ليتحمل لأطول فترة ممكنة، هل فكر أحد بنتائج ما ذهبت إليه الحكومة؟ هل نظر أحد إلى وجوه الناس؟ هل يعقل أن يقول أحد المسؤولين إن رفع الأسعار لمصلحة المواطن؟
ما ذهبت إليه الحكومة في موضوع الرسوم وبدل الخدمات كان قاسياً على المواطن وجعل المواطن يدعم بدل أن يتلقى الدعم، من يطلع على الشروط التي وضعتها وزارة التنمية الإدارية من تأهيل وتدريب وشهادات خبرة لشغل الإدارات يعتقد أننا في بلد ينتج كل يوم عدداً من الأبحاث العلمية، ألا تعلم الوزارة أن من يحقق شروطها أو نصف شروطها غادر العمل العام أو ترك البلد ويتقاضى عشرات أضعاف ما تعطيه الجهات العامة من حوافز.
ما تطلبه الحكومة من المواطن تطلبه بأعلى ثمن ومواصفة يجب أن تقدمه بأعلى جودة، فكيف ترفع الرسوم على فواتير الكهرباء والكهرباء تأتي بالقطارة ولم تترك جهازاً كهربائياً إلا وأتلفته، وهل رفع فواتير الهواتف والخلوي تقابله بغياب الشبكة واحتياج المواطن لثلاث مكالمات لإتمام الاتصال، ما تقدمه لا يكفي لسد الرمق، وما تطلبه الحكومة هو عين الصواب في بلد تقدم فيه الدولة كل الخدمات بأفضل مواصفة، ولكن أن تطلب من مواطن يعيش الحرب منذ عشر سنوات وخدماتها في أسوأ حال فهذا يشبه القتل البطيء للمواطن.
إن الزيادة الأخيرة للرواتب والتعويضات هي أفضل زيادة رغم أن انعكاسها على المعيشة سيكون محدوداً جداً بسبب ما سبقها وعلى الحكومة أن تتوقف عند هذا الحد من القرارات الصحيحة في الزمن الخاطئ.