تتواصل الفعاليات الفنية التشكيلية تحت رعاية وزارة الثقافة، في دمشق والمدن السورية بمناسبة أيام الفن التشكيلي السوري 2021، وذلك بإقامة المعارض السنوية لفناني كل محافظة ومعرض الخريف السنوي ومعارض في الصالات الخاصة، إضافة لتكريم بعض الفنانين من كل الأجيال. وافتتاح معرض كاريكاتوري في ثقافي كفر سوسة يمكن اعتباره خطوة إيجابية، لأنها درجت العادة على اعتباره خارج إطار الفن التشكيلي، وذلك لأن له لغة قادرة على استقطاب جمهور واسع من مختلف الشرائح والأعمار، بعكس لغة الفن التشكيلي، وذلك لأن الكاريكاتور لا يتطلب التخصص والحساسية البصرية العالية، التي تتطلبها اللوحة التشكيلية الحديثة من المتلقي.
وهذا ليس معناه أبداً أن رسام الكاريكاتير هو في مرتبة ثانية بعد الفنان التشكيلي، بل على العكس يمكن لمن اختبر تقنيات اللون وأسرارها أن يحقق بعض التقدم في مجال صياغة اللوحة الفنية التشكيلية، ولا يمكن على الاطلاق لمن لا يمتلك الموهبة أن يصبح رساماً كاريكاتورياً، لأن فن الكاريكاتور لا ينتجه إلا من امتلك رشاقة وليونة خط الرسم، أو لمن كان صاحب موهبة حقيقية وصادقة.
ورسام الكاريكاتير حين يثير في رسوماته الساخرة القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الملحة والمرتبطة بمشاكل الحياة العامة فهو لا يذهب إلى لغة الإشارات والتأويلات والاجتهادات اللامعقولة، بقدر ما يسعى للكشف عن مشاعر الناس البسطاء، والتعبير عن قلقهم الوجودي وسط هذا الفراغ الروحي المتجلي، في عالم اليوم اللا إنساني، أو في ظل هيمنة القوانين والتقاليد والأعراف المتوارثة منذ قرون، دون تحديث أو تطوير أو تجديد.
وإذا كانت لغة الفن التشكيلي المعاصر، تحتمل مزيداً من الجرأة التعبيرية الناتجة عن استخدام لمسات اللون التلقائي والعفوي والارتجالي، فإن جرأة رسام الكاريكاتير تكمن في محاولاته الدائمة التصدي لمظاهر الظلم والاستبداد والفساد، والتعبيرعن الذين يلعبون بالكلام أكثر مما يعملون في الحياة، لأن الرسم الكاريكاتيري موجه أصلاً لتسليط الأضواء على سلبيات الواقع.
رؤية – أديب مخزوم