الثورة – مها الداهوك:
تلقي استقالة الوزير البريطاني ديفيد فروست، الذي قاد مفاوضات “بريكست”، الضوء على حدة الخلافات المتفاقمة داخل حكومة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، وتنبئ بمستقبل سياسي مضطرب لجونسون خلال الفترة القادمة، لاسيما في ظل حالة التمرد المتصاعدة داخل حزبه “المحافظ”، نتيجة سياساته الداخلية المرتبكة، حيث أدت إلى تكبّد حزبه هزيمة نكراء في الانتخابات التشريعية الفرعية التي جرت الخميس الماضي.
استقالة فروست تترك بحسب مراقبين، فراغاً في الجانب البريطاني الذي يخوض مفاوضات صعبة مع الاتحاد الأوروبي بشأن تنفيذ ترتيبات لم تكتمل لما بعد بريكست في إيرلندا الشمالية، وهي تشكل بذلك نكسة جديدة لرئيس الوزراء البريطاني الذي يئن تحت وطأة تداعيات فضائحه السياسية والحزبية، والانتقادات المتزايدة لإجراءاته حول مكافحة كوفيد-19، ولخسارة حزبه انتخابات فرعية في انكلترا، عزاها المراقبون لتقارير صدرت مؤخراً عن إقامة مساعدين لجونسون حفلات ميلادية على الرغم من القيود التي كانت مفروضة حينها.
وكالة الصحافة الفرنسية (ا ف ب) أشارت في سياق تقرير لها إلى أن جونسون وبعد عامين على فوزه الانتخابي بناء على الوعد بتنفيذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يواجه سلسلة فضائح، إلى جانب تمرد لمعسكره الأسبوع الماضي، وأن الأزمة التي يواجهها اليوم تفاقمت إثر الاستقالة المفاجئة للوزير المسؤول عن “بريكست”، لافتة إلى أن نائبة رئيس حزب العمال المعارض أنغيلا راينر، اعتبرت أن الاستقالة تظهر “فوضى عارمة” في الحكومة، فيما تواجه البلاد “أسابيع من عدم اليقين”، وأضافت:” جونسون ليس على مستوى المهمة ونحن نستحق أفضل من هذا الهراء”.
وفي صفوف الأغلبية، رأى النائب أندرو بريدجن أنها “لحظة حاسمة” لبوريس جونسون. وقال لإذاعة “تايمز راديو” إنه على رئيس الوزراء “أن يتغير أو يرحل”.
وفي تغريدة على تويتر، قال هذا النائب المدافع الشرس عن بريكست إن رئيس الحكومة “لم يعد لديه الوقت الكافي والأصدقاء ليفي بوعود وانضباط حكومة محافظة حقيقية”.
أما الرئيسة السابقة لحكومة إيرلندا الشمالية أرلين فوستر التي دفعت إلى الاستقالة في نيسان الماضي لأنها اعتبرت أنها تبالغ في اعتدالها، فرأت أن رحيل فروست “أمر هائل بالنسبة إلينا، نحن الذين كنا نعتقد أنه سيحافظ على التزاماته تجاه إيرلندا الشمالية”.
وقد أكد فروست استقالته من الحكومة، وقال في خطاب إلى جونسون، ” في ظل هذه الظروف أعتقد أنه من الصواب بالنسبة إلي أن أكتب متنحياً بشكل فوري”.
ونشر مكتب رئيس الوزراء البريطاني خطاب الاستقالة الذي قال فيه إنه سيتنحى من منصبه فوراً، معبراً لجونسون عن مخاوفه بشأن “الاتجاه” الذي تسير به الحكومة.
وديفيد فروست المؤيد لسياسة متشددة حيال الاتحاد الأوروبي، قاد باسم لندن المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي للتوصل إلى اتفاق بريكست ثم تطبيقه خصوصاً ما يتعلق بتنفيذ البروتوكول المثير للجدل المتعلق بإيرلندا الشمالية.
وينص هذا البروتوكول على إنشاء نظام جمركي جديد لهذه المقاطعة البريطانية، يبقيها بحكم الأمر الواقع في السوق الواحدة والاتحاد الجمركي الأوروبي.
وتجري المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي محادثات شاقة منذ أشهر لحل خلافاتهما بشأن تنفيذ النص ساري المفعول منذ بداية العام الحالي