الملحق الثقافي: ديب علي حسن:
لم يعرف التاريخ أمة عنيت بلغتها كما العرب حين كانت اللغة هوية وانتماء وثقافة، وكان العرب قوة حضارية وثقافية، وعولمة إنسانية.
ألم يصلنا القول المأثور:من عرف لسان قوم أمن شرهم ….وغير ذلك كثير، وكانت تربية الفصاحة مهنة ما بعدها مهنة ..وهل ننسى صناعة المعاجم ووضع كتب النحو وغير ذلك..؟
ولكن للأسف، تغيرت الأحوال ونقول بحزن وأسى: لم يعرف التاريخ كما قال أحد المستشرقين لغة أجمل من لغة العرب ولم يعرف قوماً يستعجلون وأد لغتهم مثلهم..
في اليوم العالمي للغة العربية لا نأتي بجديد إذا ما قلنا: إن اللغة ساحة معارك مصيرية كبرى ..
وحروب اللغات هي الأكثر ضراوة لأنها حرب الوجود والثقافة …في حوار مع الكاتب الغيني ..نغوغي واثيونغو ..يسأله المحاور:وصفت نفسك أنك محارب في مجال اللغة ..هل يمكنك أن توضح ذلك ؟
ليرد الكاتب قائلاً:(انظر إلى وضع الإيرلنديين مع البريطانيين وإلى وضع إهانة الهنود الأميركيين..والطريقة التي تم من خلالها تشويه لغتهم.
في أفريقيا بطبيعة الحال تم منعنا من التحدث بلغتنا الأم.
واليابان فرضت لغتها على الكوريين .لذا فأينما وجد الاستعمار الحديث كان اكتساب لغة المستعمر (بكسر الميم) قائماً على موت لغات الشعوب المستعمرة ـ بفتح الميم ـ وبالتالي فإن اللغة هي ساحة حرب.
ويتابع قائلاً: فيما يتعلق بالهند لم يخف المؤرخ ورجل الدولة البريطاني توماس ماكولاي رغبته المتوحشة في إنشاء طبقة من الهنود تسكن اللغة الإنكليزية في عقولهم.
أراد الإنكليز أن تلعب هذه الفئة دوراً في حكم بقية السكان، وهذا ينطبق على أفريقيا أيضاً وعلى أي بقعة عرفت وجوداً استعمارياً فقد استخدمت اللغات الإفريقية كأسلحة ضد الأفارقة.
كانت اللغة سلاحاً حربياً سواء تحدثنا عن الإسبانية والبرتغالية في أميركا اللاتينية أو عن الفرنسية في أفريقيا وفيتنام.كانت اللغة عنصراً مهماً جداً للغزو وللحفاظ على الهيمنة الاستعمارية..حيث كان بمقدورها أن تشكل رابطاً بين عقول الطبقة الوسطى.)
واليوم، ما حال لغتنا؟ ..هل أصابها اليباس والعقم، فاللغة كائن حي تزدهر بازدهار متحدثيها وتموت بموتهم ..ولن نحتاج إلى شرح حالنا اليوم ..
في هذا اليوم، لابد أن نقول: إن فضل سورية على اللغة العربية سابغ ..سابق ولاحق..لقد أولتها سورية كل اهتمام وكل عناية.
من أول مجمع اللغة العربية إلى تعريب التعليم إلى ما أولاه القائد المؤسس حافظ الأسد للغة العربية وما أكمله السيد الرئيس بشار الأسد فيما قدمه وطرحه ولاسيما في القمة العربية التي عقدت في دمشق عام ٢٠٠٨م ..سيجد القارىء تفاصيل وافية عن ذلك في هذا العدد.
لغتنا هويتنا، ووطننا وتاريخ ما كان وما سيكون ..
الكل مسؤول عن الاهتمام بها وصونها، وعلى الأقل ألا نكون ممن ينحرونها بسيف مثلوم ولاسيما أولئك الذين لا يجيدون ألف باء الفاعل والمفعول ولا معرفة حتى حروف الجر..ومع ذلك ينظرون في اللغة وباللغة وبكثير من القضايا المحبوكة بنسيج اللغة أليست اللغة فكراً ..وكيف يصل الفكر بلا لغة ؟
d.hasan09@gmaiL.com
التاريخ: الثلاثاء21-12-2021
رقم العدد :1077