الثورة – راغب العطيه:
في الثاني والعشرين من كانون الأول 2016 كانت حلب على موعد مع الانتصار الحاسم على المشروع الإرهابي الأميركي وأدواته من التنظيمات الإرهابية، وذلك بفضل بطولات وتضحيات جيشنا العربي السوري الذي ترنو عيون السوريين إليه دائماً على أنه حصنهم وملاذهم، وكلهم يقين بأنه لن يهدأ له بال حتى يطهر كل ربوع سورية من الإرهاب والوجود الأجنبي المعتدي، ويعيد الأمن الأمان إليها.
انتصار حلب كان تحولاً استراتيجياً على كافة الأصعدة سياسياً وعسكرياً واقتصادياً واجتماعياً واعلامياً ونفسياً، وذلك لأن استهداف حلب من قبل التنظيمات الإرهابية وداعميها في أنقرة وواشنطن والكيان الصهيوني وبقية منظومة العدوان، كان استهداف للمكانة والموقع والدور الذي تضطلع به عاصمة سورية الاقتصادية وجبهتها الشمالية ضد مخططات العثماني الجديد أردوغان.
ولا يجافي الحقيقة تشبيه معركة حلب بمعركة ستالينغراد، فكما أُسقطت معركة ستالينغراد أحلام النازية، فقد أسقطت معركة حلب وانتصارها أوهام أردوغان والحلف الصهيو-أميركي وأدواتهم من التنظيمات الإرهابية، مشكلة المفصل الأساسي الذي كان الجميع يعرف أهميته لجهة التحولات التي ستنتج عنه.
وإدراك الدولة السورية لما يُخطّط لحلب التي تمثل قيمة استراتيجية فريدة لسورية والمنطقة، جعلها تقدم عملية تحريرها قبل مدن ومناطق أخرى ذات أهمية أيضا في الحرب على الإرهاب، فكان الانتصار تحولاً استراتيجياً ومنعطفاً مهماً في هذه الحرب من جهة، وضربة قاصمة للمشروع الإرهابي وداعميه من جهة أخرى، وأكد في الوقت نفسه قدرة الجيش العربي السوري وحلفائه على حسم المعركة مع التنظيمات الإرهابية، مؤسّسا لانطلاق مرحلة جديدة لدحر الإرهاب من كل الجغرافية السورية.
في المقلب الآخر كانت فداحة الهزيمة في حلب بالنسبة لواشنطن والغرب والكيان الصهيوني وأردوغان وأتباعهم من الأنظمة العربية كبيرة جداً جداً، وفضحتها ردود فعلهم الهستيرية قبيل استكمال الجيش العربي السوري والحلفاء تطهير المدينة، فالانتصار لا يقتصر على عودة هذه المدينة التاريخية والعاصمة الاقتصادية لسورية إلى ربوع الوطن مجدداً، بل يتخطاها إلى أبعاد أعمق وأكثر تطوراً على المستويات العالمية والإقليمية.
اليوم وفي الذكرى الخامسة لانتصار حلب على الإرهاب التكفيري نستذكر بطولات أهلنا في حلب الذين احتضنوا جيشهم العربي السوري ووقفوا معه يداً بيد يواجهون سوية قتلة العصر ومجرميه، يحدوهم في ذلك عشقهم للحياة وايمانهم بوحدة سورية أرضا وشعبا ودولة.
والمسيرات التي طافت شوارع مدينة حلب وساحاتها ليلة 22 / 23 كانون الأول 2016 فور إعلان القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة عودة الأمن والأمان الى مدينة حلب كانت شاهداً على أن المدينة التي جذورها في عمق التاريخ لن يهزمها ثلة من الإرهابيين والمجرمين حتى وإن كان العثماني الجديد رجب أردوغان في مقدمتهم مدعوماً من أصدقائه في الكيان الصهيوني وفي الولايات المتحدة الأميركية.
وكما انتصرت حلب بوحدة أبنائها وبنيانها وساحاتها وأحيائها وأسواقها وصناعتها في معركتها ضد الارهاب الداعشي والقاعدي قبل خمس سنوات، وكما تابعت ذلك خلال فترة ما بعد التحرير والانتصار بدوران عجلة التصنيع والانتاج والزراعة، ها هي اليوم تنتصر بـ”قدودها” التي أدرجت على لائحة التراث الإنساني، خارقة بذلك الحصار الغربي والأميركي الذي يستهدف السوريين في لقمة عيشهم وحبة دواء أطفالهم، مؤكدة للقاصي والداني بأن السوريين بناة ثقافة وحضارة وتاريخ، ولن تثنيهم عن ذلك كل الصعوبات التي فرضتها الحرب الإرهابية طوال أكثر من عشر سنوات من الزمن عليهم.
انتصارات سورية التي أسس لها انتصار حلب قبل خمس سنوات ستتواصل حتى يستكمل جيشنا العربي السوري تطهير ما بقي من مناطق تئن تحت وطأة الإرهاب والاحتلال التركي والأميركي