الثورة – راغب العطيه:
تنظر الولايات المتحدة الأميركية للعالم، نظرة الوحش المفترس، وتعتبر نفسها الإمبراطورية الكبرى التي لا تقف حدودها إلا على أعتاب مصالحها المفتوحة للتدخل السافر بشؤون الدول الأخرى تحت شعارات كاذبة حول الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
وقد تفاقمت هذه النزعة العدوانية في أعقاب هجمات الحادي عشر من أيلول الإرهابية، والتي تلطت خلفها إدارة جورج بوش الابن لتعلن حربها المفتوحة على الشعوب والدول التي تناهض سياسات واشنطن الاستعمارية، رافعة شعارها سيئ الصيت (من ليس معنا فهو ضدنا)، وتفاقمت هذه السياسة الهدامة مع إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وخلفه الحالي جو بايدن.
وتعد الساحة السورية في الوقت الحالي إحدى المناطق التي تشهد على تورط إدارات البيت الأبيض الثلاث الأخيرات منها على الأقل حتى النخاع في الحرب الإرهابية القذرة على سورية، وذلك من خلال عدوانها واحتلالها العسكري المباشر لأجزاء من الأرض السورية، ودعمها المتواصل لأدواتها الإرهابية كـ(داعش والنصرة وقسد) وغيرها، مروراً بالإجراءات القسرية أحادية الجانب التي تتخذها واشنطن وأتباعها في أوروبا كإجراءات عقابية ضد الشعب السوري لتمسكه بوحدة وطنه وسيادة دولته واستقلالها، وما بين هذه وتلك سرقة ونهب خيرات السوريين وثرواتهم في وضح النهار، وخاصة النفط الذي يسيل له لعاب الولايات المتحدة الأميركية أينما شمت رائحته.
وحديث ترامب في تشرين الأول 2019 عن حقول النفط السورية، وعن ضرورة سيطرة الولايات المتحدة عليها، وضرورة التعاقد مع شركات نفط أميركية لتطوير هذه الحقول، يؤكد الأهداف الحقيقية لاستمرار هذا الاحتلال لحقول النفط والغاز، من أجل حرمان السوريين من ثرواتهم ومقومات صمودهم، وتشديد مفاعيل الحصار الاقتصادي، لمنع عودة التعافي للدولة السورية، وبالتالي تحييد دورها الفاعل والمؤثر عن مسرح الأحداث الدولية، بهدف تمرير المخططات التقسيمية للمنطقة ككل، بما يخدم أهداف المشروع الصهيوني، في السيطرة على المنطقة وثرواتها.
كما جاء حديث ترامب بكل وقاحة عن موضوع النفط والآبار النفطية، ليعري الوجود العسكري الأميركي غير الشرعي في سورية من كل المسوغات التي حاولت واشنطن أن تقدمها كذباً وزوراً للتغطية على أهدافها الحقيقية من دخول الأراضي السورية بدون موافقة الحكومة السورية، ولكي يؤكد من جديد أن ما تقوم به الولايات المتحدة هو سرقة موصوفة متكاملة الأركان للنفط السوري يعاقب عليها القانون الدولي.
وكنتيجة لقرار ترامب بالإبقاء على قوات بلاده المحتلة تحت كذبة حماية آبار النفط من تنظيم داعش الإرهابي، بدأت عمليات النهب والسرقة بشكل ممنهج وما زالت في عهد الرئيس جو بايدن مستمرة، فيكاد لا يمر يوم إلا وتقوم به قوات الاحتلال الأميركي بإخراج أرتال من الصهاريج والشاحنات تعد بالعشرات معبئة بالنفط السوري، حيث يتم شحنها إلى الأراضي العراقية عبر معبر الوليد غير الشرعي بشكل مخالف لكل قرارات مجلس الأمن الدولي التي تؤكد استقلال وسيادة سورية ووحدة أراضيها وشعبها.
وقد سبق وأن كشفت وزارة الدفاع الروسية قبل ثلاثة أعوام عن قيام واشنطن بسرقة النفط السوري وتهريبه إلى خارج البلاد تحت حراسة العسكريين الأمريكيين، ونشرت حينذاك صوراً تم التقاطها بالأقمار الصناعية، لقوافل من الصهاريج تتجه إلى خارج سورية، واصفة هذه العملية بـ”سطو ونهب على مستوى الدولة”.
وقالت على لسان المتحدث باسمها اللواء إيغور كوناشينكوف حينذاك إن الأعمال التي يقوم بها الاحتلال الأمريكي في مناطق وجود النفط السوري يتمثل بسرقة النفط السوري بما يخالف أحكام القانون الدولي، مشيراً إلى أن عائدات النفط السوري المسروق يتم إرسالها إلى حسابات مؤسسات أمنية أمريكية.