لا تنفصل الأحداث التي تشهدها كازاخستان هذه الأيام عما جرى في مناطق مختلفة من العالم خلال السنوات الماضية ، فثمة ارتباط وثيق ومباشر مع تلك الأحداث القاسية التي شهدتها المنطقة العربية تحت مسميات كاذبة سبقتها اختبارات في أوكرانيا وفنزويلا ودول أميركا اللاتينية وغيرها ليتم التركيز قبل عقد من الزمن على المنطقة العربية لتكون فاتحة التغيير العالمي وفق الأجندة والمخططات الأميركية والصهيونية ، تلك المخططات التي تستهدف السيطرة على مقدرات العالم كله دون استثناء ، وما الحلفاء لها إلا أشكال مزيفة لموظفين ووكلاء يأتمرون بأمر السيد الأميركي ومن خلفه الحاكم والمتحكم الصهيوني الجالس خلف جدران أقبية المنظمات السرية ذات الطبيعة الإجرامية.
يتضح لكلّ ذي عقل ولب يريد أن يعرف الحقيقة أن ما تشهده كازاخستان لا يمكن أن يكون حدثاً عفوياً يمثل رد فعل على ارتفاع سعر الغاز في دولة غنية بالغاز والنفط والثروات المعدنية الكثيرة ، وأن ذلك الارتفاع الذي تم التراجع عنه يمكن أن يدخل البلاد في حالة قتال نوعي خلال ساعات قليلة يتم فيها تخريب وتدمير مشاريع البنية التحتية ومؤسسات الدولة بصورة تعيد إلى الأذهان تلك المشاهد التي عاشتها سورية على يد عصابات الإرهاب من استهداف بنية الدولة الأساسية من طرقات وجسور ومعامل ومصارف ومحطات توليد طاقة وشبكات اتصال وغيرها ، دون أن يغيب عن البال ذات المشاهد التي رافقت الغزو الأميركي للعراق عام ٢٠٠٣ من تخريب ونهب لمؤسسات الدولة وتدمير لوسائل الإنتاج وتخريب للمرافق العامة ونشر ثقافة اللااهتمام مما يمثل تدميراً للذات البشرية من الداخل ودفعها باتجاه اللجوء نحو المعتدي الذي يظهر على شكل مخلص ومنقذ ، ولا يوجد غيره أبداً.
لقد مثلت الأحداث المتداخلة على الساحة الدولية حالة تشبه كرة ثلج متدحرجة كلما تحركت كبرت وزادت معها المشكلات وما يرافقها من حروب وصراعات لا تنتهي ، فالولايات المتحدة الأميركية بمرحلتها الامبريالية الكبرى لا تريد السماح لأي قوة بالظهور والمنافسة فتبدأ الحرب المباشرة أو من خلال الأتباع والولاء بصورة غير مباشرة بحيث تضعف خصومها من خلال إشغالهم بمساعدة الحلفاء خارج دائرة الصراع المباشر ، فتدفع المجتمعات الصغيرة والضعيفة فاتورة التنافس والصراع الأكبر ، وهذا ما يبدو واضحاً من خلال قراءة المشهد السياسي الدولي ، حيث يكون أمراً مزعجاً ومقلقاً بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية أن ترى التقدم والتحديث والازدهار في كلّ من روسيا والصين وحتى الهند والبرازيل وجنوب افريقيا وغيرها باعتبارها تمثل حالة منافسة ويمكن أن تشكّل خطراً مستقبلياً محتملاً ، فتقوم بتوسيع دائرة العدوان والتخريب ضمن سلسلة تآمرية لا تتوقف .
فما يحدث اليوم في كازاخستان يرتبط زمنياً بسنوات سابقة شهدت خلالها عدة بلدان عدواناً خارجياً بصيغ مختلفة ، حملت المطالب عنواناً يخفي أطماعاً عدوانية واستخدمت المواطنين والشعب وقوداً رخيصاً في لعبة تتكرر في كلّ البلدان.
معاً على الطريق- مصطفى المقداد