ربما تختصر عبارة شكسبير التي قالها يوما” وما الدنيا إلا مسرح كبير” فلسفة الحياة وكلّ ما يدور في المجتمعات من تحوّلات وتغييرات نحن جميعاً أبطال فيها، وليؤكد أيضاً أنّ لكلّ دوره الذي يجب أن يضطلع في إنجازه على أكمل وجه، من أجل تحقيق مجتمع يتمتع بالتطور والاستقلالية والنماء.
واليوم ونحن نحتفل بيوم المسرح العربي لابدّ أن نتوقف ولو بعجالة عند أهمية دور المسرح وضرورة الاهتمام بهذا النوع من الفنون الذي يشكّل فسحة ثقافية واسعة من التفاعل بين الممثل والجمهور عبر بث العديد من الرسائل الهامة، وخصوصاً في ظلّ طغيان عالم التكنولوجيا ووسائل اللا تواصل الاجتماعي التي جعلت الناس يغرقون في فضاءاتهم الوهمية، حتى ليكادوا ينسلخون عن واقعهم الحقيقي في موقف سلبي مما يجري من أحداث ووقائع، ويتهربون من مسؤولياتهم ودورهم وخصوصاً الشباب عماد المجتمع والأمل المنشود.
ولا يختلف اثنان حول دور المسرح في خلق جسور من التواصل الواقعي والتلاقي المباشر بين أفراد المجتمع، لأنه وقبل كلّ شيء يسلط الضوء على قضايا المجتمع الساخنة، ويكون لسان حال أفراد المجتمع كافة، ليطرح المشكلة وفي الآن نفسه يحاول أن يطرح الحلول الممكنة لها، وبقدر ما تكون هذه النصوص المسرحية تلامس شغاف القلوب وتمس هموم المجتمع، بقدر ما تلقى من التفاعل الذي يترجم بعد ذلك إلى عمل وجهد دؤوب للخروج من عنق الزجاجة والتحرر من أعباء الحياة، بالعمل والمثابرة للنهوض بالواقع وتجاوز الأزمات.
ولأن المسرح من أدواره نشر الوعي وتكريس القيم التي تحثّ على حبّ الوطن والذود عنه، فمن الأهمية بمكان التوجه إلى مسرح الطفل وإيلائه المكانة التي يستحقها، فمن خلاله يرسل القائمون على المسرحية رسائلهم إلى الطفل والتي يجب أن تكون بناءة وتصبّ في مصلحة تكوينه تكويناً يخدم مستقبله ومستقبل بلده، وتقوي من لغته العربية وانتمائه لوطنه.
فلننتصر لأبي الفنون في عيده بتقديم ما من شأنه أن يقيم جسور المحبة ويعبّر عن هويتنا الثقافية والإنسانية التي تشكّل أهم مكونات حضارتنا العريقة.
رؤية -فاتن أحمد دعبول