الثورة – حسين صقر :
كثيرة هي الاضطرابات النفسية التي تصيب الأشخاص، منها ماهو نادر وقليل، ومنها ما يتعدد المصابون فيها، والطب النفسي أظهر وتحدث عن عدد كبير من الأمراض النفسية، حيث يعيش أصحابها في الوهم، ولهذا يمكن ألا يكون لها أساس في الوجود، ومنها ما كان متلازمة هذا المرض أو ذاك، لأنها تلازم المريض في يقظته ونومه.
من تلك الأوهام التي يصاب بها بعض الناس، هو متلازمة “كوتار”، وهي بالفعل حالة نادرة تتميز باعتقاد خاطئ أن جزءاً من جسد المريض قد مات أو في حالة موت أو غير موجود البتة.
هذه الحالة تحدث عادة نتيجة حالات الاكتئاب الشديد وبعض الاضطرابات النفسية، و قد يصاحبها أمراض عقلية، وحالات عصبية أخرى.
وفي التفسير قد يصل إلى مسمع أحدنا الجثة السائرة، أو ما يسمى الوهم العدمي، وهذا هو إحدى الاضطرابات النفسية النادرة، حيث يعاني المصاب بها بعدد من الأوهام والاعتقاد بأنه فقد أعضاء أو أجزاء من جسمه، أو تيقنه بأنه غير موجود أو ميت بالرغم من أنه لايزال يتنفس، وفي بعض الحالات الأكثر نُدرة يعتبر المريض أنه آيل للخلود.
إحدى الدراسات كشفت أن تلك المتلازمة التي تعرف أيضا بـ«متلازمة الجثة المتحركة» غالباً ما تُصيب مرضى الاضطرابات المزاجية والذهنية، ويرافقها الشعور بالذنب والقلق والسلبية.
وللحديث أكثر عن هذا المرض تقول الدكتورة رهف حمدان الاختصاصية في الأمراض النفسية والمتلازمات: يعود اكتشاف المتلازمة لعام 1880 على يد طبيب الأعصاب الفرنسي جولز كوتار، ولهذا سميت بهذا الاسم، حيث أشار الطبيب المكتشف آنذاك وفق ما نشرته مجلة “فسيولوجي تودي” إلى إحدى الحالات التي أُصيبت بهذا المرض، وكانت تدعي أن ليس لديها أجزاء وأعضاء عدة بجسمها مثل مخها وبطنها وأمعائها، وتظن أحياناً أنها ليست بحاجة للأكل، وبالفعل امتنعت عنه حتى توفت.
وأضافت أن الباحثين وقتذاك شخصوا الحالة بأنها من أشكال التوهم المرتبط بالاكتئاب الشديد والتخلف النفسي الحركي.
كذلك نشرت مجلة ديلي ميديكال حالة لرجل عاش بهذا المرض 9 سنوات نتيجة معاناته من اكتئاب حاد حتى أنه حاول الانتحار، وفسر الأطباء حالته بأنه كان يعتقد أن مخه كان مفقوداً و ميتاً.
وأوضحت حمدان أن أسباب المرض لم تُعرف، لكن حسب بعض الدراسات يتعلق السبب بالمناطق الأمامية من نصف المخ الأيمن، ولاسيما عند كبار السن الذين يعانون من اضطرابات الاكتئاب أو الفصام، أو اضطرابات ثنائي القطبين أو الخرف.
وأشارت أن من أعراض المرض عدم تعرف المريض على وجهه، وعدم إظهار أي اهتمام للحياة الاجتماعية أو رغبة بالاعتناء بالشكل أو النظافة الشخصية، بالإضافة للشعور بالرعب الدائم، وفقدان الشعور بالواقع.
ونوهت أن المريض يمر بثلاث مراحل، أولها تظهر عليه علامات الاكتئاب والقلق الشديد والخوف الزائد من الإصابة بأي مرض، ثم يبدأ بعدها بالمعاناة من أعراض المرض الحقيقية مثل التوهم بأنه ميت أو خالد، ويرافق هذه المرحلة الشعور بالقلق والسلبية، لتأتي المرحلة الثالثة، وفيها يعاني المريض من اكتئاب حاد نتيجة الإصابة بخلل عاطفي و جنون العظمة.
وختمت حمدان أن العلاج مختلف من شخص لآخر، أي بناء على الحالة المصاحبة له، أما بشكل عام فقد وجد أن العلاج بالتخليج الكهربائي كان أكثر العلاجات استخداما لهذا الوهم، لكنه قد وجد أن هناك تأثيرات جانبية لهذا الأسلوب العلاجي، أهمها مشاكل الذاكرة المؤقتة، لذلك فهناك أساليب علاجية أخرى تستخدم، كالعلاج الدوائي بمضادات الاكتئاب ومضادات الذهان، والعلاج السلوكي، والعلاج النفسي.