بهذه الزاوية أختتم سلسلة زوايا حول أيام الفن التشكيلي السوري التي أقيم موسمها الرابع خلال الشهر الأخير من العام الماضي، متضمنة فعالياتها الراسخة (كالتكريم والمعارض والندوات)، ومضيفة إليها أنشطة حديثة تقوم على ما تأسس، وتؤسس للمستقبل.
منذ الموسم الأول كان هناك حرصٌ من لجنة الأيام التشكيلية على أن تكون الندوات المرافقة لها ذات طبيعة معرفية، تقدم رؤى غير مسبوقة في مجال الثقافة التشكيلية، وواقع الفن التشكيلي، بعيداً عن اللقاءات السجالية لعشاق الصخب، الذين ينتشون مما يتوهمون أنه حيوية الحوار، في حين أنه في واقع الحال تكرارٌ مملٌ لمقولات رائجة، لا تستند إلى الحقيقة، ولا تضيف إلى أحد شيئاً.
في الموسم الأول أدار الناقد والفنان أكسم طلاع في مكتبة الأسد الوطنية. أربع ندوات عن بدايات وواقع التشكيل السوري، وعن تقاليد النحت التدمري، وعن الخط العربي من الأصالة إلى المعاصرة. وفي الموسم الثاني اقترحت د. بثينة علي أن تقام الندوات في كلية الفنون الجميلة، حيث القسم الكبير من الحضور الذي تتوجه له. وعلى هذا الأساس قامت بتنظيم ثلاث ندوات، الأولى بعنوان:(خريج كلية الفنون، إلى أين؟) والثانية بعنوان :(وسائل التواصل الاجتماعي والفن التشكيلي)، والثالثة بعنوان :(حال التشكيل السوري اليوم).
وكان للنجاح الذي حققه إقامة الندوات في كلية الفنون الجميلة أن كررت الدكتورة بثينة التجربة في الموسم الثالث، حيث نظمت ثلاث ندوات أدارها أكسم طلاع، كانت عناوينها على التتالي: (حول الهوية، وثقافة الفنان والمتلقي، وسوية العمل الفني). وفي الموسم الرابع نظمت الدكتورة سوسن الزعبي، وأدارت في المكان ذاته ندوتين الأولى بعنوان : (الصورة وصناعة الوعي) والثانية بعنوان : (العمارة المعاصرة وأثرها في الهوية البصرية).
على جانب آخر نظم النحات أكثم عبد الحميد في الموسم الثالث مسابقة نحت البورتريه للفنانين الشباب لمدة أربعة أيام ومعرض للمشاركين وتوزيع جوائز في قلعة دمشق. وقد طور هذه المسابقة في الموسم الرابع بإضافة التصوير إلى النحت باستخدام مواد إعادة التدوير. في حين نظم الدكتور عبد الناصر ونوس المسابقة الأولى لتصميم الملصق بعنوان :(الفن السوري 10000عام) في مكتبة الأسد الوطنية، مع معرض للمشاركين، وتوزيع جوائز. وأضيف لمعرض الخط والخزف في متحف دمر ورشة للخط العربي بمشاركة خطاطين من سورية وإيران.
وإلى من سبق قام الفنان عصام درويش بالتعاون مع الفنان والناقد عمار حسن بتنسيق معارض الصالات الخاصة التي شاركت بحيوية على مدى المواسم الأربعة، كما قام الفنان موفق مخول بتنسيق فعاليات ومعارض وزارة التربية. وتولى النحات عماد كسحوت مدير الفنون الجميلة مهمة التنسيق العام للمواسم الأربعة.
استقرار لجنة أيام الفن التشكيلي هو ما أتاح تحقيق أعلى درجة من الانسجام بين أعضائها، مع معرفة كلّ واحد منهم لمسؤولياته الفردية وتصوراته. وهو ما أتاح أيضاً مناقشة نتائج كلّ موسم قبيل بدء الموسم التالي، واستخلاص العبر والنتائج، بما وفر إمكانية تخطي العثرات والارتقاء بالحدث. وتقتضي النزاهة هنا الإشارة، والإشادة، بالدور الرئيس الذي تقوم به الدكتورة لبانة مشوح وزيرة الثقافة (رئيسة اللجنة). من خلال حضورها الخلّاق منذ التحضيرات الأولى، ومتابعتها لأدق التفاصيل، ودعمها لكلّ الأفكار الجديدة. والمجددة.
ما سبق أنجز تصورات شبه نهائية للموسم الخامس، لجهة عنوانه الرئيسي وزمانه. وشكّله العام. وعسى أن يكون الموسم التالي تتويجاً للتجربة. ومنطلقاً نحو آفاق أكثر رحابة.
إضاءات- سعد القاسم