الملحق الثقافي:
إنّ العمل في مجال الترجمة ممتع للغاية، لكنه يحتاج إلى مسؤولية عالية لنقل النص الأصلي بما يحمله من معانٍ وأفكار ومضامين بأمانة، وتطويع هذا النص على نحو يناسب لغة وثقافة مجتمعنا دون التأثير على معناه العام، مما يتطلّب من المترجم القراءة والبحث جيداً قبل البدء بترجمة أيّ عمل.
وعن تجربتي في هذا الشأن، بدأتُ العمل في هذا مجال منذ ما يقارب الثماني سنوات، وقمتُ خلالها بترجمة عدد كبير من قصص أدب الطفل التي نُشرت ضمن الدوريات والسلاسل الصادرة عن وزارة الثقافة – الهيئة العامة السوريّة للكتاب، إضافة إلى ما نُشر في مجلة «شام الطفولة» مؤخراً، والصادرة عن اتحاد الكُتّاب العرب، لما لهذه الفئة العمرية من أهمية في غرس كثيرٍ من الأفكار المفيدة والجميلة، ولا سيّما تلك الأفكار التي تُعبِّر عن هويتنا وبيئتنا وأخلاقنا، كتعليمهم قيَم الخير والتعاون والصدق وغيرها من القيم التي نرغب أن يتّصف بها أبناء بلدنا الحبيب، وذلك من خلال ترجمتها بأسلوبٍ سلس وبسيط يتناسب وهذه الفئة العمرية، ومن ثمّ وسّعت هذا النشاط بترجمة قصص من الآداب العالمية نُشرت في مجلة «جسور ثقافيّة». وحين تمكّنت من أدوات الترجمة القائمة على الممارسة والعمل الجاد، انتقلتُ إلى ترجمة الكتب التي كان أوّلها كتاب للأطفال بعنوان «أفضلُ هديّة لعيد الميلاد» من تأليف إيفان بارفوف، ومن ثمّ كتاب «مئة فكرة عن إدارة الأعمال»، تأليف جِرِمي كوردي، الذي يهتم بالشأن الاقتصادي، ويضم أمثلة عن الشركات الرائدة حول العالم، وكيفية نشأتها وإدارتها لأعمالها، وترويجها للمنتجات والخدمات التي تقدّمها. وخضتُ في ترجمة العمل الثاني «ضوضاء الزمن» للكاتب الإنكليزي جوليان بارنز، تجربة ترجمة العمل الروائي، لما للرواية من أثر كبير في جذب القارئ الذي يرغب من خلال قراءتها تحقيق المتعة والفائدة في آنٍ معاً، إضافة إلى رواية مترجمة قيد الطباعة حالياً.
تتطلّبُ الترجمة اطلاعاً ومعرفةً واسعة سواء في لغة وأفكار وقيَم الشعوب المترجم عنها، أم في لغة وثقافة ومثُل الشعوب المترجم إليها؛ فعند الشروع لانتقاء نص للعمل على ترجمته، أبدأ بمرحلة بحث مُضنية لاختيار عمل يتناسب وأفكار ومفاهيم وقيَم مجتمعنا واهتماماته، وأحاول أن أختار أعمالاً تقدُّم قيمة مُضافة للقارئ، إضافة إلى التنويع في اختيار موضوعات هذه الأعمال، بحيث تناسب شرائح مختلفة من المجتمع، وتكسبهم المزيد من المعارف، وتطلعهم على ثقافات الشعوب المختلفة.
وفي هذا الصدد، أقدّم كل الشكر والتقدير على الجهد الذي توليه وزارة الثقافة في تشجيع ودعم جيل الشباب، وإتاحة الفرص له للوصول إلى الهدف المرجوّ في خلق جيل مثقّف قادر على تنمية قدراته في مجال الترجمة، ونقل الآداب والعلوم والمعارف إلى لغتنا الأم للاستفادة منها والانفتاح على عوالم مختلفة، ولعلّ هذا الجيل يسعى لمواصلة ما بدأته الأجيال السابقة في العمل على ترجمة أدبنا الغني بأفكارنا وحضاراتنا وتراثنا إلى لغاتٍ مختلفة.
التاريخ: الثلاثاء25-1-2022
رقم العدد :1080