جمال شحيد: المترجم قلقٌ ..متوترٌ ..«متهوّس» ..

 

الملحق الثقافي:يمن سليمان عباس:

من منا لايعرف المترجم والأديب الكبير جمال شحيد الذي أنار دروبنا يوم كنا طلاباً في الأدب الفرنسي وهو الأستاذ الذي له بكل مشهد ثقافي بصمة.
جمال شحيد هو الأكثر قدرة على الحديث عن شخصية المترجم وتحليل نفسيته ولا نظن أن أحداً قد سبقه إلى هذا في الوسط الثقافي على الأقل السوري …في كتابه المهم جداً والذي صدر عن الهيئة العامة للكتاب ضمن سلسلة آفاق ثقافية العام الماضي وحمل عنوان: تقاسيم ترجمية في هذا الكتاب الذي يشغل كل فصل فيه كتاباً،ثمة فصل حمل عنوان :التحليل النفسي لشخصية المترجم …من هذا الفصل سوف نحاول تقديم باقة من الأفكار التي يتسع المجال لها هنا مع أنه يجب ألا تهمل منه أي فكرة.

5.jpg

المترجم ..
يقول شحيد: منذ أربعين عاماً وأنا أترجم وأكتب في النقد الأدبي وصدر لي أكثر من ثلاثين كتاباً مترجماً.. .قبل أنا أباشر بالترجمة أقرأ فهرس الكتاب أولاً وبعض الصفحات المتفرقة فيه وأتصفح ما كتب عنه على الانترنيت وبعذ ذلك أباشر وخلفيتي ما قرأت في حياتي وما فاتني أن اطلع عليه أملاً ترميم هذه الفجوة سريعاً.
ولكن فترة التحضير هذه مملوءة بالتهيب والقلق أمام مشروع سيقتضي مني شهور عمل دؤوب ويصل أحياناً إلى عشر ساعات عمل يومياً.
والترجمة إبحار بين قارتين أو لغتين تقتضي من المترجم أن يكون بحاراً رابط الجأش رغم الأنواء الجارفة واعتلال الترجمة ومطباتها..
بين المؤلف والمترجم صداقات وعداوات وعلاقة مركبة تخضع لطبيعة الكاتب والمترجم في وقت واحد.
فإذا كان الكاتب على قيد الحياة تكون العلاقة شديدة التطلب …إذ يفهم الكاتب نصه بطريقة والمترجم بطريقة أخرى، أما إذا كان الكاتب قد توفي وشبع موتاً فتكون العلاقة بينه وبين القارىء مفقودة مادياً لكنها موجودة معنوياً ..
وإذا كانت لغة المؤلف مبهمة وتنظيرات خلبية تتحمل أكثر من تأويل …ينبغي على المترجم أن يحافظ على ذلك .
وعندما يخال المترجم أن النص سوف يفلت منه عليه ألا يذعر وأن يبقى رابط الجأش …
ومع ذلك يبقى أن المترجم إنسان قلق متهوس متطير ومنشأ هذا القلق هو خوفه من الخطأ ولكن ثقافته الواسعة تنجيه منه.

وعن جرأة المترجمين …يقول :هذه الجرأة التي يبديها بعض المترجمين لتلطيف اللغة وأقلمتها مع العصر لا يقبل بها المتشددون والمتعصبون في اللغة الذين يرون في ثراء المعجم العربي الكلاسيكي مؤونة صالحة لشتى الأزمان والدهور..
على المترجم العربي في القرن الحادي والعشرين أن يكتب بلغة ٢٠١٥م (سنة وضع الكتاب تقاسيم)..وليس بلغة الجاحظ وأبي العلاء المعري مع احترامي الشديد لهم..
ويرى شحيد أن الكثير من المطبات والألغام زرعت بطريق الترجمة ولكن الأدب العالمي يصنعه المترجمون كما قال خوسيه ساماراغو.
والترجمة تقلب الموازين كما يرى رينان …لم يصبح ادغار الان بو شاعراً كبيراً الا بعد أن ترجمه بودلير ولم تنطلق اليابان الحديثة إلا بعد أن ترجمت كتباً أوروبية علمية ..
والترجمة كما قالت السا تريوليه:
الترجمة هي عمل شاق ومرهق ومثير للأعصاب وحافز على اليأس.وإنها عمل مثر وضروري للناس ويقتضي التفاني ويثير الهواجس ويتطلب النزاهة وبالطبع يحتاج إلى الموهبة.

بطاقة

الباحث والناقد والمترجم الدكتور جمال شحيّد ( 1942 – )

دكتوراه في الأدب المقارن من جامعة السوربون
(1974).
باحث في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى.
أستاذ النقد الأدبيّ في المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق.
من مؤلفاته: «في البنيوية التكوينية» (1982، 2013)، و»خطاب الحداثة في الأدب» (2005)، و»الذاكرة في الرواية العربية المعاصرة» (2010). يترجم من العربية إلى الفرنسية وبالعكس، ومن ترجماته «رحلة إلى الشرق» للامارتين (2006)، والجزءان السادس والسابع من سباعيّة بروست (2004، 2005)، و»المفكّرون الأحرار في الإسلام» (2008)، و»تاريخ الجمال» لجورج فيغاريلو (2011)، وجزآن من كتاب «المنهج» لإدغار موران (2012)، و»قاموس العلوم المعرفيّة» (2014). له سبعة وعشرون كتاباً مؤلّفاً ومترجماً.

التاريخ: الثلاثاء25-1-2022

رقم العدد :1080

 

 

آخر الأخبار
مشاريع صناعية تركية قيد البحث في مدينة حسياء الصناعية تطوير القطاع السياحي عبر إحياء الخط الحديدي الحجازي محافظ درعا يلتقي أعضاء لجنة الانتخابات الفرعية تجهيز بئر "الصفا" في المسيفرة بدرعا وتشغيله بالطاقة الشمسية توسيع العملية العسكرية في غزة.. إرباكات داخلية أم تصدير أزمات؟. "الذكاء الاصطناعي" .. وجه آخر  من حروب الهيمنة بين الصين و أميركا الجمعية السورية لرعاية السكريين.. خدمات ورعاية.. وأطفال مرضى ينتظرون الكفلاء مدارس الكسوة والمنصورة والمقيليبة بلا مقاعد ومياه وجوه الثورة السورية بين الألم والعطاء يطالبون بتثبيت المفصولين.. معلمو ريف حلب الشمالي يحتجّون على تأخر الرواتب تقصير واضح من البلديات.. أهالٍ من دمشق وريفها: لا صدى لمطالبنا بترحيل منتظم للقمامة ماذا لو أعيد فرض العقوبات الأممية على إيران؟ "زاجل" متوقف إلى زمن آجل..مشكلة النقل يوم الجمعة تُقّيد حركة المواطنين في إدلب وريفها الدولة على شاشة المواطن..هل يمكن أن يرقمن "نيسان 2026" ثقة غائبة؟ تعزيز الشراكة السورية- السعودية في إدارة الكوارث بين الآمال والتحديات.."التربية" بين تثبيت المعلمين وتطوير المناهج "العودة إلى المدرسة".. مبادرة لتخفيف الأعباء ودعم ذوي الطلاب "بصمة فن" في جبلة.. صناعة وبيع الحرف اليدوية إسرائيل تبدأ هجوماً مكثفاً على غزة المشاريع السعودية في سوريا.. من الإغاثة الإنسانية إلى ترسيخ الحضور الإقليمي