الملحق الثقافي:أحمد علي هلال:
في سياق المشروع الوطني الإبداعي لتوثيق بطولات الجيش والشعب العربي السوري، وبإشراف اتحاد الكتاب العرب، وتحرير الأديب والروائي نصر محسن، قدم له د. محمد حوراني رئيس اتحاد الكتاب العرب، يأتي كتاب «حكايات أثيرة.. نفوس أباة وغد مأمول»، في جزئه الأول ليقف على حقيقة الروح السورية في تصديها لاجتياح البشر والحجر والشجر والذاكرة من خلال مضارعة الحرب الإرهابية الضروس التي شُنت على سورية عبر موجات الإرهاب المنظم، توثيق يقتنص اللحظة السورية الفارقة التي تعني تلك البطولات الفردية والجمعية بآن التي سطرها الجيش العربي السوري والشعب العربي السوري، شهداء وجرحى ومخطوفين محررين هذه الأقانيم الثلاثة التي سيجد القارئ وهو يتتبع مسارات التوثيق بمنهج مضبوط يعتمد اللغة الواضحة والتفاصيل المهمة والمبنى الحكائي، الذي يستدعي الواقع أكثر مما يستدعي التخييل، ذلك أن الواقع قد أصبح خيالاً بما يكفي، ولعل ذلك الجهد الاستثنائي الذي قامت به كوكبة من المبدعين الكتاب والأدباء السوريين وهم: «انتصار بعلة، انتصار سليمان، أيمن الحسن، حسن إبراهيم الناصر، سمير عدنان المطرود، طلال سليم، طه الرحل، عيسى إسماعيل، ليلى صعب، ليندا إبراهيم، محمد أحمد الطاهر، محمد الحفري، محمد خالد الخضر، مضر الجباعي، نبوغ أسعد»، الذين قدموا طرائق وأساليب متنوعة الخطاب الإبداعي/ الواقعي، لمقاربة الحدث السوري واشتقاق معناه البعيد الذي يعني الحكاية السورية المستمرة والتي لا تنتهي، حكاية المقاومة ومضارعة القبح بالجمال وعبر محطات تنوعت سردياتها لتفضي إلى دلالة هامة ستعني الجغرافيا السورية، أي وحدة الوطن السوري في مواجهة الإرهاب، نقف على تلك الحكايات الأثيرة بانفتاح الدلالة فيها والتي ترقى حدَّ الأسطورة، حيث تعلو الأسماء لتطاول النجوم وتنفتح البطولات لتسطر ملاحم يومية ومستقبلية لا تنتهي، فمن «بين زفافين» إلى «كل شيء للوطن» وما يتلوها من «أيام النار» أي حكايات الجرحى، إلى «وحيد لكنني لست وحيداً» في نهارات الجرح السوري العالي، نقف على هوية إبداعية تحايث الحكاية الرئيس ونذهب في تفاصيلها والتماعاتها الخفية، وبحضورات رجالاتها ونسائها الذين يشكلون ضمير الشعب السوري، في مشهديات المقارعة والتمسك بالأرض لأنها العرض، والتمسك بالهوية لأنها التاريخ، والاستجابة لنداءات الكينونة لأنها أصل الحكاية وما يتفرع عنها لتنتظم الوثيقة بحبر دمهم وتوهج عرق جباههم، وقوة إرادتهم لأنهم في كليتهم وطن يرفض الخضوع والمحو بكامل جغرافيته التي يستعيدها الوعي الحارس لتضحياتهم، وتستعيدها الإرادة الضامنة لقيامة الوطن ولعلنا نعثر على دال الحكايات ممهورة بتلك الأسماء/ الأيقونات، لأنها للتاريخ ومنه، ولأنها التأسيس لمستقبل وكيف إذا جاءت منه، في مساراتها -الحكايات- كثافة للضوء والياسمين المندى بالأرواح، حيث الاسماء هنا هوية لوطن مازال قادراً على اجتراح معجزات البقاء، وتحرير الوعي كما الأرض من دنس ظلاميين أتوا من كل حدب وصوب، لكنهم وهم الخارجون «من ملحنا وهوائنا وعتبات بيوتنا وذاكرتنا السورية السورية»، ليتعافى الوطن من جراح عميقة ستظل كما الحقيقة ذات شمس ساطعة تحيي دورة الأرواح من جديد وتصبح حديث الأثر الذي استبقته أسماؤهم الواضحة وأشكال مقاومتهم ببلاغتها الناجزة والتي تعني أكثر ما تعني دينامية الأساطير المعاصرة والتي تحتاج غير زمن لسردها، سواء على ألسنة الكتاب والمبدعين الذين نقلوها من فم التاريخ ليضعوها امام الأجيال قاطبة دروس سورية بامتياز، مازلنا في أجوائها وفي سياقاتها الدالة بالفعل وبالإيمان بالوطن السوري الواحد الموحد، وبالمقاومة خيار أبناء الحياة، رُتبت الحكايات بمنهج جعل الشهداء يتكلمون ويهزؤون من الموت الذي صُدّر لهم، ونهضت البيوت المهدمة لتروي أفعال غزاة عابرين، إذن يعود الشهداء أكثر حياة لينهض الوطن بأرواحهم حراً أبياً، متواليات سردية حكائية توزعت على جغرافيا الوطن السوري، بلداته مدنه قراه، حيث البطولة جمعية فردية ممهورة بأزمنتها وأمكنتها وتفاصيلها التي وثقها الأدباء المشاركون وتتبعوا مساراتها تأريخاً لتلك الحيوات حيث سورية الوطن من حلقت في فضاءاتها أرواحهم لتبقى سورية موحدة هوية وتاريخاً وانتماءً.
حكايات أثيرة.. نفوس أباة وغد مأمول/ المشروع الوطني الإبداعي لتوثيق بطولات الجيش والشعب العربي السوري، الجزء الأول، إشراف نصر محسن، اتحاد الكتاب العرب.
التاريخ: الثلاثاء8-2-2022
رقم العدد :1082