تستأنف اليوم الجولة الثامنة من محادثات فيينا بشأن إحياء الاتفاق النووي، والفرصة باتت مهيأة للتوصل إلى اتفاق بحال امتلكت الأطراف الغربية الإرادة السياسية الكافية لتنفيذ التزاماتها، وألغت الحظر عن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وقدمت الضمانات اللازمة لذلك، إذ لم تزل إيران تبدي إرادتها وجديتها في التوصل لاتفاق يلبي حقوقها المشروعة.
إيران أكدت أن الكرة الآن في ملعب الحكومات الغربية، وهذا يعني أن الفشل بالتوصل إلى اتفاق، سوف تتحمل مسؤوليته الدول الغربية، ورغم أن الولايات المتحدة ليست طرفاً مباشراً في مفاوضات فيينا، إلا أن القرار الغربي بيدها وحدها، فهي من توجه الأطراف الأوروبية المشاركة في المفاوضات، وبحال قررت إلغاء الحظر، فلن يكون أمام الأوروبيين سوى القبول بهذا الأمر، ولكن المشكلة تكمن في أن أميركا لا يمكن الوثوق بسياساتها، فهي لم تزل تعزف على وتر المماطلة، طمعاً بتحصيل تنازلات سياسية من إيران، وهو ما لن تحصل عليه اليوم، أو في المدى البعيد.
لا يمكن للولايات المتحدة أن تضع أي شروط مسبقة للعودة إلى الاتفاق النووي، ولا يمكنها كذلك مطالبة إيران بالعودة إليه، فواشنطن هي من انتهكت الاتفاق بعهد الرئيس السابق دونالد ترامب، وإيران لم تنسحب من الاتفاق حتى تعود إليه، هي فقط خفضت التزاماتها رداً على انسحاب أميركا، وعدم التزام الدول الأوروبية بتعهداتها نزولاً عند الإملاءات الأميركية، وهذا يتطلب من الأطراف الغربية إعادة حساباتها من جديد، وعدم تجريب أي وسائل ضغط أخرى بحق إيران، لأن هذه السياسة ثبت عقمها وفشلها.
غداة تعليق مفاوضات فيينا أواخر الشهر الماضي، لدواعي تشاور الوفود المتفاوضة مع حكومات دولها، أكدت الأطراف المشاركة بأن المفاوضات وصلت إلى مرحلة حساسة، وباتت تحتاج لاتخاذ قرارات سياسية بعدما تهيأت الأرضية المناسبة للتوصل إلى اتفاق، واليوم سيتضح فيما إذا اتخذت الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة، قرارها بالعودة إلى الاتفاق أم لا، والمعيار الحقيقي لجدية تلك الدول، هو الإعلان عن موافقتها الصريحة لرفع الحظر كاملاً عن إيران، وتقديم ضمانات واضحة وملزمة بألا تنتهك أي إدارة أميركية الاتفاق مجدداً، وعندئذ تكون الدول الغربية قد اتخذت القرار السياسي الصحيح، وأثبتت جديتها بالتوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف، وبغير ذلك فلن تثمر المفاوضات عن أي اتفاق.
نبض الحدث -ناصر منذر