الثورة – عبد الحليم سعود:
في تأكيد وبرهان جديد على أن الضغوط التي تمارسها واشنطن على روسيا بخصوص أوكرانيا لا علاقة لها بهذا البلد ولا بمزاعم اجتياحه المحتمل من قبل روسيا، حيث اعتبر السفير الروسي لدى واشنطن، أناتولي أنطونوف، أن الولايات المتحدة ستضع حزمة جديدة من العقوبات على روسيا في أي حال من الأحوال بغض النظر عما سيحدث في أوكرانيا، موضحاً أن بلاده لن تعترف بأي عقوبات أميركية إلا إذا كانت صادرة عن مجلس الأمن الدولي، بالمقابل شككت نائبة وزير الدفاع الأوكراني غانا ماليار، بنية روسيا اجتياح بلدها معتبرة أن القوات الروسية على حدود بلادها ليست جاهزة لاجتياح وشيك، ونفت ماليار وجود أي تدريب لوحدات هجومية، أو أي إعداد لبنى تحتية ضرورية لتصعيد فوري”.
هذان التطوران يكشفان تماماً بأن التصعيد الذي تقوم به الولايات المتحدة الأميركية ضد روسيا مرتبط بقضايا أخرى لاعلاقة لها بالأزمة الأوكرانية، ربما له علاقة بالوجود الروسي في شرق المتوسط والدور الفاعل الذي تلعبه موسكو على الساحة الدولية، حيث استطاعت موسكو أن تمنع تفرد واشنطن بالقرار العالمي، ويمكن أن يكون السبب هو تنامي العلاقات الثنائية بين موسكو وبكين، لأن أكثر ما يقلق واشنطن حالياً هو وصول هذه العلاقة لمرتبة التحالف، ولذلك تتعمد واشنطن خلق المبررات والذرائع وإثارة القلاقل والمشكلات بوجه روسيا، لإلهائها عن مقاومة ومواجهة التمدد الأميركي العسكري والسياسي والاقتصادي والذي وصل لدرجة محاولة ضم معظم الدول التي كانت تشكل منظومة حلف وارسو سابقاً إلى حلف شمال الأطلسي الذي له أطماع في روسيا وفي جوارها، وما زال قادته يفكرون بعقلية الحرب الباردة التي تصور روسيا على أنها عدو تاريخي.
السفير الروسي في واشنطن أوضح بأن هناك تنامياً لتيار معاد لروسيا داخل النخبة السياسية الأميركية، وأنه من الضروري بذل جهود كبيرة لكسر هذا النهج المعادي، وشدد السفير أنطونوف على أن محاولات الولايات المتحدة لحصر الحوار حول المجال الأمني مع روسيا على ملف أوكرانيا غير صائبة على الإطلاق، لأن الحديث يدور عن النظام الدولي وأسسه.
وتابع السفير يقول: “ما يحدث اليوم في واشنطن في الكابيتول بالتحديد من الصعب جداً توضيحه بجملة أو جملتين، تجري منافسة بين السيناتورات وأعضاء الكونغرس في مدى استعدادهم لتوجيه ضربة أكثر إيلاما لروسيا وعرض عقوبات ستلحق أضرارا ملموسة بالنفوذ الاقتصادي والسياسي الروسي.
من الصعب اليوم التنبؤ بما سيصل إليه الديمقراطيون والجمهوريون.
هناك انطباع أنه سيتم وضع العقوبات في أي حال من الأحوال أيا كانت الملابسات، والسؤال يكمن فقط في توقيت فرضها”.
هذا الانطباع لدى السفير أنطونوف ولدى الكثير من المسؤولين الروس يؤكد أن الجولات والمحادثات التي يجريها القادة الأوروبيون بخصوص الأزمة الأوكرانية وآخرها زيارة الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون لموسكو لن يكون لها أي جدوى، فالقرار الأميركي بشأن الضغط والتصعيد مع روسيا متخذ بغض النظر عن أي محادثات يجريها الأوروبيون، ما يعني أن إدارة بايدن لا تبالي بالموقف الأوروبي أو المساعي الفرنسية لجسر الهوة وتقريب وجهات النظر، فالرئيس الفرنسي أكد بعد زيارته لموسكو أن النهج الذي اتبعه بالذهاب إلى موسكو وكييف هذا الأسبوع يهدف إلى استعادة النظام والاستقرار والأمن بشكل جماعي في القارة الأوروبية… موضحاً أنه لا يوجد لدى روسيا ولا الأوروبيين أي مصلحة في الفوضى وعدم الاستقرار، مضيفاً بأنه يؤمن بأوروبا وبوحدة أوروبا.
يشار إلى أن موسكو تنفي باستمرار وجود أي نيات لديها لغزو أوكرانيا، وتؤكد دائماً على أن ما يثار في هذا الموضوع مجرد مزاعم غربية لا أساس لها، وتحمل أميركا والغرب المسؤولية الكاملة عن تأجيج الهسيتريا بخصوص أوكرانيا.