الثورة – ترجمة غادة سلامة:
بعد تفكك الاتحاد السوفييتي وفي العقود الثلاثة التي تلت ذلك، كانت النزعة العدائية هي الأكثر تمييزاً للولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم، وفي لحظة وجيزة أحادية القطب باعتبارها أول “قوة عظمى” في العالم لم تستطع أمريكا أن تساعد نفسها، كل ما كانت تحاول توفيره قيادة عالمية جلبت ويلات الحروب للآخرين.
فقد تبع ما يسمى بالانتصار غير الدموي لسقوط جدار برلين بسرعة طريق الموت السريع في الكويت حيث تدخلت الولايات المتحدة عسكرياً لإخراج القوات العراقية من الكويت، وكذلك التدخلات المسلحة في الصومال وهاييتي والبلقان في التسعينيات من القرن الماضي.
وفي أعقاب هجمات 11 أيلول 2001 غزت الولايات المتحدة أفغانستان ثم العراق. إن التعب مما كان يُطلق عليه ذات مرة “الحرب العالمية على الإرهاب” ليس بالأمر الجديد بالطبع والذي تذرعت بها الولايات المتحدة لغزو الدول الأخرى، لقد توتر الأمريكيون بحق بشأن غزو العراق قبل 15 عاماً، عندما أصبح حجم تلك الكارثة لا يمكن إنكاره للجميع باستثناء الصقور الأكثر حماساً.
استمر التسامح مع التدخل الأكثر تبريراً في البداية في أفغانستان لفترة أطول، ولكن بحلول الوقت الذي قرر فيه الرئيس جو بايدن سحب قواته من أفغانستان في نيسان الماضي، كانت الغالبية العظمى من الأمريكيين مستعدين لانتهاء دور بلادهم في أفغانستان.
ومع احتمال أن تكون الولايات المتحدة الآن على شفا حرب كبرى في أوكرانيا، فإن معظم الأمريكيين مرة أخرى ليس لديهم رغبة كبيرة في الحرب حيث أظهر استطلاع حديث أجرته شركة YouGov بتكليف من معهد تشارلز كوخ، أن نسبة كبيرة من الأمريكيين يعتقدون أن الولايات المتحدة يجب أن لا تخوض الحرب مهما كانت الأسباب.. بعض الأمريكيين أرادوا انخراطاً عسكرياً أمريكياً أقل وليس أكثر في جميع أنحاء العالم.
المدافعون عن التدخل الأمريكي سوف يعذرون عموماً معظم حروب الولايات المتحدة على أنها ثمن الأسبقية، إن قذف صواريخ كروز قضية محزنة للكثير من الأمريكيين في أي مكان في العالم.
حتى ترامب الذي كره معظم المعلقين، تلقى الخداع عندما سمح بضربات عسكرية بعيدة عن شواطئ أمريكا.
وإن ما أطلق عليه بحق اسم “حروب لا نهاية لها” أزعجت فئة كبيرة من الأمريكيين من جميع المعتقدات السياسية، وهي أن الأسلحة والجنود الأمريكيين أصبحوا أدوات رخيصة بأيدي صقور الحرب الأمريكية المجنونة. تعتقد الغالبية العظمى من الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء أن تركيز أمريكا يجب أن يكون على مشاكلها الداخلية، وليس التدخل في شؤون الآخرين.
وتم طرح السؤال التالي الذي بقي من دون إجابة حتى الآن، “ما الذي ستقاتل أمريكا من أجله؟” وبعد فترة طويلة من الحروب العسكرية وإراقة الكثير من الدماء، تسأل أمريكا نفسها أخيراً عما إذا كان الأمر يستحق ذلك. يبدو أنها تجاوزت الحد الأقصى لما أطلق عليه البروفيسور أندرو باسيفيتش بحق “النزعة العسكرية الأمريكية الجديدة”.