التشكيلية ربا مروان قرقوط… وبلاغة تعابير العيون وملامح الوجوه

الثورة – أديب مخزوم:
تجسد الفنانة التشكيلية ربا مروان قرقوط في لوحاتها البحر بحركات أمواجه المرتفعة ، وتمنح مواضيعها المزيد من العفوية اللونية ، وتقدم حركات متبادلة بين ما هو ذاتي وما هو قادم من رؤية الأشكال في المدى الواقعي، كما تجسد في لوحات أخرى مشاهد الطبيعة الربيعية والصخرية والعناصر الإنسانية والطيور والزهور بصياغة تعبيرية ورمزية وخيالية وغيرها …
وبعد تخرجها من محترفات كلية الفنون الجميلة، اختبرت العديد من التقنيات والمواد، وتنقلت بين المواضيع والأساليب المختلفة، وركزت في لوحات أخرى لأبراز ملامح الوجوه وتعابير العيون، بصياغة أقرب إلى التعبيرية، كما أنها أظهرت المزيد من الانحياز نحو الحركات اللونية التجريدية العفوية والمتحررة في بعض لوحاتها.
هكذا ابتعدت في لوحاتها عن الصياغة الواقعية التسجيلية، واظهرت الكثير من التعاطف مع تطلعات الحداثة الفنية، مع اعطاء أهمية في اكثرية لوحاتها للإيقاع الضوئي والمناخ الغنائي . كما تساهم في بعض لوحاتها بترسيخ مظاهر اللوحة المرتبطة بالواقع الحياتي المأساوي، من خلال قوة التعبيرالمقروءة في بعض أشكالها وعناصرها ورموزها التعبيرية المختزلة والمبسطة والمتناهية الجرأة والعفوية( وخاصة لوحات الوجوه والعناصر الإنسانية).
فهي تعيد إيقاعات وتنويعات الوجوه وخطوطها وألوانها إلى حالاتها البدائية الأولى، لتعبّر من خلالها، عن ويلات الأرض المحروقة بأدوات الحرب، ولتعبّر أيضاً وقبل أي شيء آخر ( عن الخراب الداخلي ) الذي يعيشه الإنسان المعاصر في المدن الاستهلاكية، كأنها في تعابير هذه الوجوه تبحث عن الواقع المأساوي الذي نعيشه، وبمعطيات الفنون التشكيلية العصرية.
هكذا تظهر تنويعات الوجوه والأشكال الإنسانية في لوحاتها كحلقات متتابعة تعكس أحاسيس الدمار الداخلي والخارجي معاً، عبر هواجس تشكيلية حديثة وتصورات خيالية أحياناً تعبر عن حالات القلق والاضطراب والاختناق والموت.
والأداء التشكيلي الذي تحاور به المشاهد والأشكال، يستعيد في كل مرة معطيات خبرتها التقنية من ناحية إبراز الطبقات اللونية، وتحضير الكثافة وإبراز الملامس والاهتمام في أحيان كثيرة بتدرجات الظل والنور والإيحاء بالمرجعية الواقعية والحديثة في آن واحد.
وهي عن قصد لا تهتم بنسب الأشكال ولا بصوريتها الواقعية، وإنما تؤكد رغبتها المتزايدة في الإمساك بمعطيات الفنون الحديثة، حيث بدت أشكالها وعناصرها وخاصة الإنسانية محددة بألوان شديدة العفوية، وهذا يعني أن الخصائص الأساسية لتجربتها تكمن ببعدها كل البعد عن المنهج التصويري التقليدي والمثالي.
وهي تستخدم في بعض لوحاتها تدرجات اللون الرمادي أحياناً، وبذلك تكسر التقليد القائم على تقديس اللون في صياغة اللوحة، وفي بعض لوحات هذه المجموعة، تتشكل اللوحة من الصخور والحجارة والعناصر الإنسانية، وتجنح في نزعتها التقنية العفوية نحو الاختزال والتبسيط ، وتقترب هنا من حالات استدراج ذاكرة تقنية حديثة غذتها تجاربها المتواصلة، وهي إذ تتلاعب بالعجينة اللونية، فإنها تقدم لوحة مرتبطة بحريتها وبحساسيتها ، كما تدمج أشكال الواقع بمعطيات التجريد والتكعيب أحياناً.
كما أنها محاولة لتوثيق الصلة بين الداخل والخارج ، بين المنظور والمحسوس أو بين رؤية الواقع ورغبات تجاوز قيود هذا الواقع . وهذا يعني أنها تغامر كثيراً وتقدم لوحة بعيدة كل البعد عن جماليات الذوق العام، فالحرية هي التي تحقق التميز ، وهي التي تقودها إلى أن ايجاد ذاتها وشخصيتها في أعمالها الفنية .
واللوحة هنا تفسر احساسها ومشاعرها الداخلية، حيث تأتي أحيانا بإيقاع لوني يحتمل درجة من الشفافية ، وقد تتحول في ألوان وتقنيات أخرى فيها تحول اللوحة إلى سطح تضاريس فيه المزيد من السماكات والخشونة المعبرة هي الأخرى عن خشونة الواقع . وقد تتحول اللوحة إلى مجرد اختصارات خيالية، موضوعة على سطح الكانفاس، بإيقاعات اللون الرمادي وبحركات الخطوط المتزايدة التلقائية والعفوية والانفعالية.
ربا مروان قرقوط من مواليد ريف دمشق، درست الفن في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق – قسم الإعلان . كما حازت على دبلوم تأهيل تربوي من كلية التربية بجامعة دمشق .
عرفها الوسط التشكيلي والثقافي من خلال العديد من المعارض، من ضمنها معرض تلاقي عام 2018، ومعرض أمواج من بوح 2019، بصالة الرواق العربي – قاعة لؤي كيالي، ومعرضها المشترك مع الفنان بسام الحجلي في ثقافي أبي رمانة بعنوان: عندما تزهر الروح 2021.
كما لها مشاركات بمعرضي الربيع والخريف إضافة لمشاركات خارج سورية.
،كما عملت في التدريس الفني وحازت على شهادات شرف تقديرية من جهات رسمية.

آخر الأخبار
قمة فوق سوريا... مسيرات تلتقي والشعب يلتقط الصور لكسر جليد خوف التجار..  "تجارة دمشق" تطلق حواراً شفافاً لمرحلة عنوانها التعاون وسيادة القانون من رماد الحروب ونور الأمل... سيدات "حكايا سوريا" يطلقن معرض "ظلال " تراخيص جديدة للمشاريع المتعثرة في حسياء الصناعية مصادرة دراجات محملة بالأحطاب بحمص  البروكار .. هويّة دمشق وتاريخها الأصيل بشار الأسد أمر بقتله.. تحقيق أميركي يكشف معلومات عن تصفية تايس  بحضور رسمي وشعبي  .. افتتاح مشفى "الأمين التخصصي" في أريحا بإدلب جلسة حوارية في إدلب: الإعلام ركيزة أساسية في مسار العدالة الانتقالية سقوط مسيّرة إيرانية بعد اعتراضها من قبل سلاح الجو الإسرائيلي في  السويداء.. تصاعد إصابات المدنيين بريف إدلب تُسلط الضوء على خطر مستمر لمخلفات الحرب من الانغلاق إلى الفوضى الرقمية.. المحتوى التافه يهدد وعي الجيل السوري إزالة التعديات على خط الضخ في عين البيضة بريف القنيطرة  تحسين آليات الرقابة الداخلية بما يعزز جودة التعليم  قطر وفرنسا: الاستقرار في سوريا أمر بالغ الأهمية للمنطقة التراث السوري… ذاكرة حضارية مهددة وواجب إنساني عالمي الأمبيرات في اللاذقية: استثمار رائج يستنزف الجيوب التسويق الالكتروني مجال عمل يحتاج إلى تدريب فرصة للشباب هل يستغلونها؟ تأسيس "مجلس الأعمال الأمريكي السوري" لتعزيز التعاون الاقتصادي بين دمشق وواشنطن تسهيل شراء القمح من الفلاحين في حلب وتدابيرفنية محكمة