معرض “فنانات أوغاريت” بين الدقة الواقعية والتجريد الفراغي

الثورة – أديب مخزوم:
افتتح معرض فنانات أوغاريت في (صالة مشوار) برعاية وحضور وزيرة الثقافة د. لبانة مشوح ، ولقد توزعت أعمال المعرض بين اللوحة والمنحوتة ( في الرسم: لينا ديب وبتول الماوردي وغادة حداد . وفي النحت: أمل زيات وعلا هلال ويسرا محمد ) .. وأكثر ما يميز الأعمال المعروضة بروز هواجس التمرد على الفنون التقليدية، والتمسك بمبدأ العودة إلى التراث الفني الحضاري، والمناخ اللوني المحلي .
والمعرض يعكس بعض أجواء التطور الثقافي والتقني والجمالي المفتوح على كل الحضارات والأزمنة، والذي تحققه المرأة الفنانة في سورية. والإلهام يأتي هنا من تأملات تقنيات فنون العصر، والتراث الشرقي في آن .
في لوحات (لينا ديب) المتخصصة بالحفر والطباعة، متابعة لشغفها بالعناصر التاريخية والتراثية والإنسانية ، والتراث كما تؤمن به مستقى من الآثار القديمة ، كأنها تريد أن تقول لنا إن الماضي والحاضر والمستقبل ، هما حلقة واحدة ماضيها يلوح في مستقبلها ومستقبلها في ماضيها الذي سيأتي .
فهي تنتمي إلى التيار التعبيري المتفاعل مع شعار الأصالة والمعاصرة ، وفي مطبوعات محفوراتها نلمس خلاصة صياغاتها الفنية ورؤيتها الجمالية للعناصر التراثية وحقائقها الجوهرية الدائمة عبر اطلالات الخطوط والالوان والاشكال القادمة من مؤشرات الواقع وملامح الخيال، ورموز المرأة التي تطل كعناصر اساسية او كنبرة صافية تجمع الاداء التلويني والتكويني من الينبوع التراثي الشرقي، في خطوات البحث عن ايقاعات تشكيلية جديدة ، في رموزها وعلاماتها الايحائية.
والمعرض يلقي أضواء جديدة على لوحات (بتول الماوردي) التي كانت ولاتزال تعطي أهمية كبيرة للمنظر الخلوي المحلي عبر تأكيدات اللمسات اللونية الانطباعية والتعبيرية والواقعية الجديدة أو الحديثة , فهي ترفض الواقعية التسجيلية , وتعتبر اللون العفوي والضربات المتلاحقة التي تجسدها في فضاء المنظر، هي المدخل للامساك بجماليات اللوحة الحديثة , ومن أجل ذلك نعتبر اللمسات العفوية هي الأساس الذي تقوم عليه أعمالها ، وهي تخرج إلى الطبيعة أحياناً وتلتقط تبدلات الضوء واللون في الهواء الطلق، حسب تعاليم كلود مونيه مؤسس المدرسة الانطباعية في الرسم.
هكذا تتجه في لوحاتها لتحويل المشهد إلى ايقاعات لونية بصرية، تقتنص الأضواء والتأثيرات الهوائية والجوية لحظة حصولها في الطبيعة للوصول إلى خصوصية محلية في رسم المنظر أو المشهد الطبيعي بعناصره وحركة غيومه.
وتتابع (غادة حداد) رحلتها مع الرسم الواقعي ، حيث تعرفنا لوحاتها المرسومة بتدرجات الأسود والأبيض، على إسهاماتها في انتاج وعرض اللوحة الفنية الواقعية . ‏وهي تصل إلى حقائق الأشكال في ظلالها وشاعريتها، وترسم المرأة السورية والأمكنة القديمة بحجارتها المتناوبة الألوان ، إلى جانب العناصر الطيور وغيرها. حيث استطاعت الإفصاح بالظل والنور والنسب عن مختلف التعابير التي أرادتها منطلقاً لتجربتها.
وتستوقفنا (علا هلال) في منحوتاتها الفراغية بحركة شخوصها على قاعدة مرتفعة، أو داخل تشكيلات هندسية أحياناُ ( مربعات ومستطيلات ) .. كما تركز في منحوتات أخرى لإظهار الوجوه المتقابلة بطريقة غرائبية في خطوات كسر السياق الواقعي التقليدي . ولم تكن الوجوه والأجساد التي تتمثل فيها أحياناً حركة اندفاع إلى الأمام, إلا طريقة للوصول إلى صياغة الإيقاعات العفوية لإشارات الأشكال بطريقة مغايرة، فالبحث عن مناخات بصرية لتكاوين الأشكال الإنسانية شكلت في تجربتها هواجس لاختبار الصياغات التشكيلية المتداولة في الفنون النحتية الحديثة والقائمة أحياناً على الاستفادة من الفراغات والتشققات المتكونة بعوامل الطبيعة على جذع أو في داخله، والذي يصبح داخلاً في بعض منحوتاتها.
وتتجه ( أمل زيات ) في منحوتاتها بخاماتها المختلفة نحو إظهار حركة بصرية تعبيرية تضفي على الكتلة عفوية وحيوية، عبر اتجاهها نحو تكثيف دلالات الاختصار والاختزال والتبسيط والتجريد أحياناً، في تجسيد الوجوه ورأس الحصان والتشكيلات الفراغية الطولانية. هكذا تتعامل مع مفردات الواقع بلغة تعبيرية توازن بين التجسيد والصياغة المختزلة وصولاً إلى التجريد في منحوتاتها الجدارية والفراغية.
وعلى الصعيد الأسلوبي تتأرجح منحوتات ( يسرا محمد ) بين الصياغة التعبيرية المبسطة للوجوه المحورة أحياناً على هيئة أقنعة، والصياغة التجريدية التي تهتم بإبراز الفراغ ضمن الكتلة المنحوتة، فالمنحوتة عندها تتشكل بخيالات مختلفة تقترب من الواقع أو تبتعد عنه، والالتفافات والسطوح المتنوعة التأثيرات والحساسيات ، تأخذها إلى حالة تعبيرية لا تتوقف عند معالجة تفاصيل الأشكال بقدر ما تذهب لتجاوز هذه التفاصيل، والتعبير عن حركتها في الفراغ.

آخر الأخبار
قمة فوق سوريا... مسيرات تلتقي والشعب يلتقط الصور لكسر جليد خوف التجار..  "تجارة دمشق" تطلق حواراً شفافاً لمرحلة عنوانها التعاون وسيادة القانون من رماد الحروب ونور الأمل... سيدات "حكايا سوريا" يطلقن معرض "ظلال " تراخيص جديدة للمشاريع المتعثرة في حسياء الصناعية مصادرة دراجات محملة بالأحطاب بحمص  البروكار .. هويّة دمشق وتاريخها الأصيل بشار الأسد أمر بقتله.. تحقيق أميركي يكشف معلومات عن تصفية تايس  بحضور رسمي وشعبي  .. افتتاح مشفى "الأمين التخصصي" في أريحا بإدلب جلسة حوارية في إدلب: الإعلام ركيزة أساسية في مسار العدالة الانتقالية سقوط مسيّرة إيرانية بعد اعتراضها من قبل سلاح الجو الإسرائيلي في  السويداء.. تصاعد إصابات المدنيين بريف إدلب تُسلط الضوء على خطر مستمر لمخلفات الحرب من الانغلاق إلى الفوضى الرقمية.. المحتوى التافه يهدد وعي الجيل السوري إزالة التعديات على خط الضخ في عين البيضة بريف القنيطرة  تحسين آليات الرقابة الداخلية بما يعزز جودة التعليم  قطر وفرنسا: الاستقرار في سوريا أمر بالغ الأهمية للمنطقة التراث السوري… ذاكرة حضارية مهددة وواجب إنساني عالمي الأمبيرات في اللاذقية: استثمار رائج يستنزف الجيوب التسويق الالكتروني مجال عمل يحتاج إلى تدريب فرصة للشباب هل يستغلونها؟ تأسيس "مجلس الأعمال الأمريكي السوري" لتعزيز التعاون الاقتصادي بين دمشق وواشنطن تسهيل شراء القمح من الفلاحين في حلب وتدابيرفنية محكمة