من عبّأ السياسة الأميركية كلها في زجاجات من الغازات المسيلة للضجيج والتصعيد والهباء.. يبدو الرئيس جو بايدن كمهرج في مختبر للكيمياء السياسية.. يملأ رؤوس دبلوماسييه الفارغة بالتصريحات المنتهية الصلاحية والتناقضات وقليلاً من الرمال لقلب الساعة وتمرير الوقت لمصلحة ترميم استراتيجية واشنطن المتهالكة في سورية والمنطقة والعالم كله!!.
بعد الكثير من الصمت في توقيت الضغط الأكبر على روسيا في أوكرانيا واطلاق غاز التصعيد من فم وأذني البيت الأبيض لمحاولة جر الكرملن الفاشلة إلى قرار الحرب وتفجير كل الصمامات السياسية مع الأوروبيين.. بعد الفشل لابد من الضغط الأميركي أيضاً في سورية..
فتح بايدن فم ما يسمى المبعوث الأميركي إلى سورية نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي، إيثان غولدريتش..ليخرج منه تصريحات الاستفزاز عديمة اللون والطعم السياسي.
فالسيد ايثان غولدريتش تحدث عن رفضه عودة بعض العلاقات العربية مع سورية وكأن واشنطن هي البوابة التي تمر منها العلاقات الدولية.. ودون الحج إلى عتبة البيت الأبيض تبقى الدول تعيش هاجس الفزع من غضب واشنطن المدجج بعقوبات قيصر.. وقبضة الدولار السياسي على رقبة الخارج عن طاعة القطب الوحد..
الأسوء في حديث المبعوث أنه لم ينس ذكر القانون الدولي وحقوق الإنسان ودور المنظمات الدولية في صلب الكلام عن قرارات واشنطن وعقوباتها الأحادية؟!! يتخفى كفيلٍ وراء نملة أممية يكاد يدهسها من شدة احترامه لمصادرة قرارها!!.
ايثان أيضاً وفي حماسة الحديث عن (عظمة) الدور الأميركي لمحاربة داعش نسي أنه من أسس لسجون التنظيم الإرهابي في سورية وتدريباته فحذر من عدم أمان تلك السجون طالباً من شركائه في التحالف سحب رعاياهم من الجنسيات المتعددة في التنظيم ودمج سياف داعش في المجتمعات الغربية مجدداً من باب الرأفة الإنسانية بالإرهابيين.. وهو مانتمناه فعلاً في سورية بسحب الجاليات الإرهابية للغرب من إدلب والمنطقة الشرقية.. لكن الدبلوماسي الأميركي تاه في دوار حديثه السياسي وتذكر أن لا بد من إعلان عودة التنظيم الإرهابي لتبرير البقاء في سورية والعراق.. فقام بعرض الدعاية نفسها لبايدن وأداء رقصة مقتل القرشي في محاولة لطرح منتج داعش في السوق السياسية للمنطقة والعالم..
تحدث المبعوث ايثان عن شرارة عودة داعش من سجن الصناعة في الحسكة كمن يروج لعودة منتج الكوكا كولا في الأسواق بفورانه فجأة بعد فتح بطيء ومتكرر للعبوة الإرهابية بيد واشنطن ومن أفواه التحذير الملغوم لها قبل تناثر الإرهابيين المفاجئ من حي غويران في الحسكة…
انطلق المبعوث الأميركي في تصريحاته أيضاً حول سورية كبالون ينفس الهواء يلف ويدور في فراغه السياسي وإذا هو برر غض البصر الإجباري عن تمرير الكهرباء من الأردن إلى لبنان عبر سورية من باب (الرحمة والحنية) المزيفة على عتمة الشعب اللبناني لابتزاز ملفاته السياسية.. لم تذكر حتى كلمة الشعب السوري ومصالحه وتأثره بالعقوبات وبالسرقة الأميركية للنفط والغاز والثروات السورية… أو حتى محاولات الغرب العبث في عمل لجنة مناقشة الدستور.
كل ما هنالك أن بايدن قرر فتح زجاجة التصريحات الأميركية حول سورية للضغط على موسكو ودمشق في ذروة المشهد الساخن في اأوكرانيا.. والإيحاء بأن لدى واشنطن أوراق كثيرة للضغط.
لكن القابع على كرسي البيت الأبيض لم يطلق سوى التناقضات من لسان المبعوث الأميركي ايثان الذي لا أثر سياسي له حتى الآن في الملف السوري سوى أن اسمه للمصادفة هو اسم غاز الايثان وهو غاز لا لون له ولا رائحة وهو التركيب الذي يمثل فعلا مكونات الدبلوماسية الأميركية..
من نبض الحدث- عزة شتيوي