ربما يكون دخول التربية في مجال تصنيع الأطراف الصناعية خطوة متقدّمة في مجال التعليم المهني والتقني ،طبعاً مسألة الدخول هذه تأتي في إطار القانون 38 لعام 2021 الذي يهدف إلى تنظيم مسار هذا التعليم وتأمين كوادر عاملة تلبي احتياجات سوق العمل من مختلف المهن ،وتأمين التدريب للطلاب في بيئة العمل الحقيقية عن طريق إحداث مراكز تدريب وورش إنتاج خاصة بكلّ ثانوية مهنية بغية رفع سوية خريجي هذا التعليم من الناحية العلمية والعملية وصولاً إلى المساهمة في دعم العملية الإنتاجية وتحقيق التنمية المستدامة .
طبعاً حديثنا عن دخول التربية لهذه الصناعة يأتي في إطار اللقاء الذي تمّ مع جمعية خطوة لتصنيع الأطراف الصناعية ،بغية الخروج بثمرة للتعليم المهني ،وصولاً إلى وضع مخطط شامل لخطة تنفيذية للبدء بتصنيع الأطراف الصناعية محلياً أوربما جزء منها ،كون تلك الجمعية تقدّم خدمات متميزة للمجموعات التي تأثرت نتيجة الحرب ،وهذا ما دفع المعنيين بالتربيةً ضرورة التفكير التشاركي بمشاريع استثمارية ،وليكون شعار العمل طرح كفاءات محلية تدخل سوق العمل وتؤمن متطلبات تصنيع الأطراف الصناعية ،وبالتالي فسح المجال لتشغيل اليد العاملة ،لاسيما اذا ما علمنا أن الدخول إلى هذه الصناعة إنما يشكّل مهنة إنسانية .
وإذا ما تحدثنا عن صناعة الأطراف ودخول التربية إلى مجالها إنما نشير أن بلدنا قد حقق خطوات كبيرة في هذا المجال عبر أربعة مراكز متطورة مكنت جرحى العمليات الحربية ممن تعرضوا لإصابات بتر متنوعة خلال تأدية الواجب الوطني من استعادة مقدراتهم الحركية والجسدية.
وقدّمت هذه المراكز خدمات تتوزع في محافظات حماة وطرطوس واللاذقية ودمشق تستثمر في كوادرها الوطنية الخبيرة في مجال صناعة وصيانة وتركيب الأطراف من مهندسين وفنيين ومشرفي تأهيل حركي ومعالجين فيزيائيين لمساعدة جرحى البتر على الحركة دون الحاجة لمساعدة الآخرين متمكنين في أعمالهم وقادرين على الوصول لاحتياجاتهم بمساعدة الطرف الاصطناعي.
وتمرّ عملية تركيب الأطراف داخل هذه المراكز بخطوات محددة تبدأ بدخول الجريح للمركز ليقوم فريق مختص بتحديد المقاسات المطلوبة للطرف الاصطناعي باستخدام المسح ثلاثي الأبعاد وتقنية CAD-CAM الأحدث في مجال صناعة الأطراف بالعالم الأمر الذي يجعل الطرف الاصطناعي الذي يستخدمه جرحى البتر هو الأفضل من الناحية الطبية والفنية على مستوى الأطراف الاصطناعية الرائج صنعها في العالم.
وبعد أن يتم استكمال صناعة الطرف المناسب والملائم للبتر يخضع الجريح لجلسات علاج فيزيائي وتأهيل حركي مكثفة إضافة إلى بعض التمارين الرياضية المحددة التي تسهم في مساعدته على استخدام الطرف بكفاءة والتأقلم معه إضافة إلى توفر إقامة داخل مراكز الأطراف للجرحى القادمين من محافظات أخرى أو من مناطق بعيدة .
بكلّ الأحوال فكرة دخول التربية في مجال تصنيع الأطراف الصناعية يشكّل خطوة متقدّمة في مجال التعليم المهني والتقني ،لاسيما اذا ما علمنا أن الأمل كبير في تطبيق الفكرة التي يؤمل تحقيقها على أرض الواقع ،خاصة وأن المدارس المهنية لديها خبرة في تصنيع المعادن واللدائن المرنة ،ونعتقد جازمين أن العمل جار على دراسة إمكانية التصنيع هذه ،أو جزء منها وصولاً لوضع حجر الأساس لتطبيق الفكرة ،وتوفير القطع الأجنبي ؛لتكون محاولة سورية بحتة للتصنيع ،وثورة صناعية وفتح الأمل لتحقيق الحلم .
حديث الناس- إسماعيل جرادات