الثورة – رنا بدري سلوم:
أنْ تبقى “سندويشة الزعتر” عالقة في ذهنك ذاك يعني أنك لا تزال تفكّر في مدرّب أثر بك بطريقته الخاصة، وإن كانت تلك السندويشة لم تقنع البعض من المتدرّبين!، “فن التدريب” من العلوم التي ترى من خلاها نفسك فتقيّمها وتروّضها، المدرّب الوطني المعتمد في وزارة التنمية الإدارية أحمد سفنجة لم يثر فينا شهيّة التهام تلك السندويشة التي تركها طفل في حديقة عامة، بقدرِ ما فتح لنا آفاقنا وشدّنا إلى حيث بدأ من الصفر والعدم والانكسار، وكأنه يطرح تجربته الحياتية ليعيد لنا ثقتنا بقدراتنا وأن فينا “انطوى العالم الأكبر”، لم يكن الوقت كفيلاً في أن ننهل أبجدية عالم التدريب من ألفها إلى يائها في دورة تدريبية أقامتها وزارة التنمية الإدارية بهدف الإصلاح الإداري. لكنه أشعل في دواخل كل من المتدرّبين وميض خير شُع في داخلنا فتتبعناه وبلهفة مضينا وراءه دون تعب، ست ساعات تدريبية في اليوم لمدة أسبوع كامل، جلسنا على مقاعد التدريب متأثرين به، شُددنا إلى تقنياته منحازين إلى ما يجعلنا أكفأ وأقوى وأحنّ، نعم أحن فالتدريب ليس تلقين المعلومة بقدرِ ما هو أن تصنع من نفسك فرقاً، فتعيد ترتيب مهاراتك وسلوكياتك تتلمس ذاتك تؤدبها لتطلقها في آفاق التدريب بجموح لا يردك فيه أحد، التدريب أن تكون وكأنك صلصال تعيد عجن أفكارك وتقيّم لغتكَ الجسديّة من رأسك إلى أخمص قدميك، وكأنك تعيد لتلافيف دماغك مياه حياة يجري بعد قحط نعانيه جميعاً .
ومع ذلك، لم يكن عالم التدريب بعيداً عن المتطفلين الذين يرونه “دجاجة تبيض ذهباً ” إن صح التعبير، فيفردون وكما صرّح المحاضر والمدرب أحمد سفنجة لصحيفة “الثورة ” “بسّطة تدريب ” بعد نهاية دورة واحدة لهم!، وهو ما يجعلنا نمعن النظر جيداً في مصدر أي دورة نسمع عنها في عالم التدريب، فتلك البسطات وكما أردف” لا تعد في واقعنا الراهن بسبب انتشارها، ولكن بعض الوزارات كوزارة الصناعة والسياحة والتجارة وغيرها قد رخّصت مراكز تدريبية لحاجتها لها، لكن السؤال الذي يفرض نفسه لماذا لا يوجد لدينا اختصاص أكاديمي أسوة بباقي الاختصاصات في الكليات الجامعية؟ وهو ما أشار إليه المدربون، يؤكد المدرّب أحمد سفنجة ” بالافتقاد إلى اختصاص أكاديمي في سورية وهو ما يراه مطلباً ملحاً في المجال المهنيّ والوظيفي، فشريحة المتقدمين للعمل في القطاعين العام والخاص بعد أعوام من الدراسة الأكاديمية لاختصاصهم يفتقدون إلى تحفيز المهارات وتطوير الذات والعمل على آلية شحذ الدوافع النفسية والاجتماعية في سبيل تحقيق تنمية القدرات التي تنعكس على الأداء الوظيفي للموظف الجديد”، فالتدريب برأي المدرّب أحمد سفنجة أن تصنع من الإنسان شخصاً يقدّر مهاراته فيحفزها وينمّي قدراته فيبدع، يقرأ فلا يمل، ويستكشف المعارف ويعمل على تطويرها فلا يستكين ويبحث عن ذاته ليحققها بكفاءته ليصبح منتجاً قادراً على العطاء بامتلاكه مهارات التواصل الفعّال، وهو الفرق بين المدرّب الأكاديمي والمدرّب الذي يدّعي التدريب، فالتدريب الناجح والمحفّز سيصنع فرقاً واضحاً في سلوكيات الفرد وبالتالي منظومة العمل، من ثم لابد أنه يحقق كما يسمى التطوير الإداري الذي دعت إليه الحكومة السورية من خلال برنامج الإصلاح الإداري التي تعد دورات إعداد مدربين جزءا كبيراً منها في تحقيق العدالة الوظيفية التي تعيد هيكلية التوصيف الوظيفي.
ختم المدرّب في إعداد مدربين بالمشروع الوطني للإصلاح الإداري أحمد سفنجة بالمطالبة بقوننة عالم التدريب ليتم إلى ردع والتخلص من متطفّليه، الذين أصبحوا عصابات متفشية في المجتمع، مجموعات لا تملك من الوعي الكافي في علوم التدريب والتنمية البشرية، متأملاً من وزارة التنمية الإدارية العمل على إقرار قوانين رادعة ترتّب بيئة التدريب وتعيد المصداقية للمدرّب وللمادة العلمية وللمركز التدريبي، وبالتالي حماية للمنتج وهو المتدرّب الذي يعد مكونا فاعلاً ومحفزاً في مجتمعه.